عبدالرزاق حسنين

الصحف الإلكترونية..قفزات بلا دعم

لقد أصبحنا اليوم نعيش عصر الصحافة الإلكترونية، التي فرضت وجودها في الواقع الافتراضي بدورها في رصد الأحداث وصناعة الخبر المباشر، متجاوزة القيود الجغرافية والسياسية التي تعاني منها نظيرتها الورقية التي بدأ نجمها في الاندثار مع تقدم عجلة الزمن، فالصحافة الإلكترونية تحرز يومًا بعد يوم تطورًا مذهلًا في مواقعها وخدماتها، بفضل استخدامها للوسائط المتعددة التي جعلت منها صحافة تفاعلية حية، دفعت بالصحف الورقية لمجاراتها في إصدار نسخة مماثلة بالتلازم مع الورقية التي يظل لها محبيها الذين أدمنوا تعاطيها مع قهوة الصباح، ومما تمتاز به الصحف الإلكترونية بثها الأخبار العاجلة بصورة تجعلها تتفوق على الصحف الورقية التقليدية ارتباطًا بزمن حدوث الخبر والانتهاء من كتابته ونشره، وأخص به “الخبر العاجل” بعد مراجعته من إدارة تحرير الصحيفة التي عادة ما تكون بإعداد وجهد فردي، الذي أعتبره من وجهة نظري شديد الإرهاق، لارتباطي بصحيفة “مكة” الإلكترونية التي مارست الكتابة فيها منذ أكثر من عامين متواصلة، منوهًا أن سبق تكريم هذه الصحيفة من معالي وزير الحج لعام 1434 لتميزها بحضورها الفاعل المصاحب للدقة والمصداقية في الخبر، ومن خلالها أيضًا لمست الترحيب المكلل بتكريمي من قبل وزارة الحج عن فئة المقال الصحفي الإلكتروني للعام التالي 1435، وفي ذلك فخر لجميع الصحافة الإلكترونية بما يؤكد شعبيتها على مستوى المملكة والوطن العربي الكبير، ويعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م، حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية نسختها الإلكترونية، تلاها تدشين صحيفتي “ديلي تليجراف والتايمز” البريطانيتين لنسختهما الإلكترونية عام 1994م ، وعربيًا أصدرت أول صحيفة نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر سنة “صحيفة الشرق الأوسط” الصادرة من لندن وصحيفة “النهار اللبنانية” المتزامنة مع نسختهما الورقية.

لقد فتحت الصحافة الإلكترونية عالمًا مغلقًا لتناول المواد الإخبارية، إذ أصبحت أقرب وأسهل للناس عامة في الوطن وخارجه، مما كان له الدور الكبير في صنع وتشكيل القرارات، في عالم أصبح وأمسى أكثر وعيًّا عما كان عليه في صحافتنا الورقية التقليدية التي تخضع دائمًا لمقص الرقيب وضيق المساحة المخصصة للمادة الإعلامية المتزاحمة مع الإعلانات التجارية، التي فيها أكسير الحياة للصحف الورقية، في حين أن الرقيب في الصحافة الإلكترونية هو الضمير الوطني للمهنة الإعلامية المرتبطة برئيس تحريرها وكتاب الرأي والقلم الحر فيها، وعلى الرغم من انتشار ظاهرة الصحافة الإلكترونية بشكل متسارع في كثير من دول العالم، إلا أنه لا يزال في بداياته في منطقتنا العربية، وقد أصبحت الصحافة الإلكترونية في زمننا المعاصر وسيلة إعلامية لواقع التواصل الحديث الذي يعتمد على السمع والصورة المتصلة باليوتيوب الواسع الانتشار، وتواجه الصحف الإلكترونية العديد من التحديات وفي مقدمتها ضعف الموارد المادية، التي تدعمها للمحافظة على موقعها الإخباري على الشبكة العنكبوتية، وحرصها على البقاء والمنافسة، في حين لا تجد المال الكافي من أجل القدرة التشغيلية، مع حرص الشركات التجارية في القطاع الخاص عمومًا على الإعلان في الصحف الورقية التقليدية، لقلة اطلاعها وعدم إلمامها بالدور القوي للإعلان على المواقع الإخبارية الإلكترونية وأهميتها، في ظل تراجع مبيعات الصحف الورقية على مستوى المنطقة والعالم أجمع، وفي الآونة الأخيرة بدأت بعض الشركات بنشر إعلاناتها على الصحف الإلكترونية، بعد أن أدركت تميزها عن غيرها في الصحف الورقية بالبقاء فترة طويلة على موقع الصحيفة الإلكتروني، وهذا في حد ذاته ذا مردود قوي للمادة الإعلانية والشركة المعلنة، لا سيما وتعاطي أكبر شريحة من المجتمع للمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل السهلة المنال.

وفي بادرة جميلة من معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، عقد اجتماعًا “خاصًا” برؤساء تحرير الصحف الإلكترونية بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض منذ شهر تقريبًا، استمع فيه معاليه إلى آمال وطموحات رؤساء التحرير وأبرز المعوقات التي تواجه الصحف الإلكترونية وأساليب حلها، والطرق الناجحة لتطويرها بما يتلاءم والقفزة الحضارية التي تعيشها المملكة، وما يحاك حولها من دسائس الحاقدين، وهنا وعبر صحيفة “مكة” الإلكترونية أناشد معاليه بمزيد من الدعم المادي المنشود، إيمانًا منّا بأن الصحافة شريك رئيس في نهضة الدول والارتقاء بمجتمعها الثقافي، بل والزود عنها في جميع المحافل العالمية..

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    ما قيل عن الصحافة الإلكترونية شيء جميل. ولكن ألا ترى معي أخي الكريم أنه يجب أن يكون هناك قانون مشرع ومطبق فعلا لوضع حد للتجاوزات التي قد تنشأ من صحيفة أو كويتب بصحيفة ضد أشخاص أو هيئات اعتبارية.

  2. هذا الواقع فقد فقدت الصحف الورقية بريقها وانتهى عصرها الافتراضي وهي بوضعها الحالي ميته دماغيا

  3. نضم صوتنا إلى صوت الكاتب القدير..
    ببحث سبل الدعم المادي للصحف الالكترونية والتي تكافح في سبيل تقديم الخبر الجديد وتوفير المعلومة أولا بأول..
    وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

  4. تحياتي للجميع..
    مما لا شك فيه أن لكل قلم كاتب مسؤول عما تسطره يداه في الصحافة وغيرها من وسائل التواصل التي لا تخلو من سقطات وعبارات تخدش الحياء وتمس المقامات والهيئات وهناك جهات رقابية تتابع المسيء .. والأفضل من ذلك أن يحرص المرء على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في جميع سبل حياته بل مراعاة حقوق الآخرين والحرص على.النقد بالتلميح لا بالتجريح..تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى