إن فكرة الإدارة الإلكترونية بشكل عام وفي منظمات ومؤسسات “العمل الخيري” بشكل خاص تتجاوز كثيرًا مفهوم “الحوسبة” البسيط، وتركز بشكل أساسي على استخدام الأسلوب الشامل الذي يوظف “المعلومات” والتي يتم حفظها على شكل “بيانات” في “جداول إلكترونية”. إن ربط تلك “البيانات” بعضها ببعض واستخدامها في توجيه السياسات العامة للأنشطة الخيرية واستحداث إجراءات “آليةً” جديدة يوفر لتلك المؤسسات الفرصة لتحقيق أهدافها ويوفر لها المرونة الكافية التي تمكنها من تطوير أعمالها والاستجابة للمتغيرات المتسارعة والتخطيط المستمر، ويساعدها أيضًا لتنفيذ تلك السياسات ومتابعتها وتقييمها بشكل دائم ويعطيها القدرة التي تمكنها على التحفيز المستمر نحو النجاح وتحقيق الأهداف والتطلعات التي يبحث عنها أصحاب الأيادي البيضاء وقادة العمل الخيري. إن “التكامل” بين البيانات والمعلومات والذي يجب أن تعتمد عليه المؤسسات الخيرية في سعيها لتطبيق سياسة الإدارة الإلكترونية ولتطوير البنية المعلوماتية داخلها وخارجها يحقق “تكامل” الرؤية لهذه المؤسسات، وهو الهدف المنشود للوصول به إلى أداء أعمال تلك المؤسسات بانسيابية وببساطة وبدقة، وبموثوقية عالية وبسرعة. كل تلك الأنشطة الخيرية والمنظمات والمؤسسات والإدارات والأقسام والأفراد الذين يعملون تحت لوائها والمستفيدون منها يجب توحيدها لتكون “وحدة تخزين مركزية واحدة”؛ ليوفر لها هذا “التكامل” التركيز على سرعة اتخاذ القرار، وتقليص معوقات اتخاذه ولمراقبة وتحسين أوجه الصرف فيه، كما وأن توظيف هذا النوع من التكنولوجيا بشكل “علمي” و”مخطط” و”مدروس” والعمل على البدء في “التعلم المستمر”، و”التطوير” لهذه الأنشطة والأدوات ونشر الثقافة “المعرفية” بين أفراد المجتمع يؤدي لزيادة الترابط بين العاملين فيه وبالتالي نجاحه، ويجب علينا ألا نغفل أن المتابعة الدقيقة لكافة هذه “الموارد” التي يرتكز عليها العمل الخيري على اختلاف مستوياتها هي أهم أهداف المؤسسات “الخيرية”. يجب أن ندرك أن هذا التحول إلى أسلوب العمل “بالإدارة الإلكترونية” ليس ضربًا من السحر ولا يمثل رفاهية يمكن الاستغناء عنها، وإنما يعتبر حتمية يفرضها على هذه المؤسسات واقع الحال في عالمنا “الرقمي” الذي باتت “السرعة” هي أهم مميزاته. إن فكرة “التكامل” و”المشاركة” و”توظيف المعلومة” و”الوقت” و”سرعة الإنجاز” أصبحت في عصرنا الحالي هي عناصر باتت من أهم محددات “النجاح” لأي “منظمة” أو “مؤسسة” ربحيةً كانت أم لا. “الوقت” هو أحد أهم المجالات التنافسية بين المؤسسات ولم يعد مقبولًا بأي حال من الأحوال في عصرنا الحالي أن يكون “التأخير” في تنفيذ الأعمال سببه دعوى التحسين والسعي نحو الإجادة. كما يجب علينا ألا نغفل أن “الإجراءات اليدوية المعقدة” والتي يمثل فيها “الورق” عنصرًا أساسيًّا لتسييرها لها بالغ الأثر في زيادة التكلفة والهدر “للوقت” و”المال” وبشكل مبالغ فيه أحيانًا وبدعوى أنها هي “الموثوقة” و”الموثقة” ويجب ألا ننسى أن السرعة في اتخاذ القرارات من شأنها إحداث الفارق بشكل ملحوظ. يجب أن نعي أن اختلاف النظم الإدارية وعدم الاقتناع بجدوى هذا التحول ومتطلباته وعدم توفر الحافز القوي لدى أصحاب القرار والأفراد على حد سواء وصعوبة الوصول إلى الإدارة الإلكترونية “المتكاملة” داخل المؤسسات أو المنظمات، وعدم توفر البنية الأساسية الفنية المؤهلة لذلك والطبيعة البشرية التي تخاف وأحيانًا ترفض التغيير والتحديث وأن سيادة ثقافة الأبواب المغلقة والخوف من التكنولوجيا وتطبيقاتها وعدم الثقة في حماية سرية المعلومات الإلكترونية في التعاملات هي أهم معوقات هذا التحول إلى هذا النوع من الأعمال. مما لاحظته بشكلٍ عام أن المؤسسات الخيرية التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على المعلومات في جميع أنشطتها تعاني ضعفًا في السيطرة على كمية المعلومات التي يحتاجها صاحب القرار، وهي غالبًا ما تكون قرارات” روتينية بطيئة” و يشترط فيها “النمطية البيروقراطية” المقيتة وتمثل “المركزية” في اتخاذ القرار أحد أهم سلبياتها. مثلاً وكنتيجة لعدم توفر المعلومة بشكل فوري ودقيق في حالات المساعدات أو الإعانات الخيرية التي تقدمها تلك المؤسسات يتم اتخاذ قرارات الصرف مثلاً بشكل متكرر ولنفس الأشخاص أحيانًا ودون التأكد منها وهل تم فعلاً صرفها من قبل أم لا؟! وأحيانًا يتم ذلك الصرف بناءً على تقديم مستندات وهمية ممن يدعي العوز أو الفقر أو الاحتياج أو أن يكون مفتقرًا إلى المعلومة الصحيحة والتي – لو- استخدمت “الإدارة الإلكترونية” في تسيير تلك الأعمال لساعدت على مقارنة تلك البيانات الواردة مثلاً في منع بعض ضعاف النفوس من استغلال هذه الفجوة والاحتيال وتكرار الصرف بدون وجه حق، ولكي يتم تجاوز هذه المشاكل ينبغي دراسة وضع نظم المعلومات الحالية في تلك المؤسسات وتقييمها وتطويرها باستخدام “النظم المتكاملة” والتي تتكون من مجموعة من النظم الفرعية التي تجمع بيانات يتم تغذيتها؛ لتكوين “قاعدة بيانات رئيسية واحدة” للسيطرة التامة على تلك المعلومات وتوفير البيانات التي يحتاجها أصحاب الأيادي البيضاء وقادة العمل الخيري>
يتبع
موضوع جميل يستحق القراءة والتأمل