مودة الفؤاد
نبيه بن مراد العطرجي رزقنَا الله العَيش فِي هَذه الحيَاة لنكُون خُلفاء فِيها، ونعَمرها بمَا أمَرنا بِه، وسَن لنَا فِيها النِكاح ليسْتمر التكَاثر فَيهب مَن يَشاء الذرِية، ويَجعَل مَن يَشاء عقِيمًا، وقَد أوضَحت الآية الكريمَة ﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ كَيف يُرزق هَذا وذَاك. ومُنذ أقْدم الزمَان الجَاهلي كَان يَفتخر مَن يَرزقه الموْلى الذِكور، ويستَاء مَن يَجود عَلية بالبنَات ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾، وظَل الأمْر كَذلك حتَى بَعث الله البشِير النَذير سَيد المرسلِين مَحمد بِن عَبد الله – صلى الله عَليه وسَلم – وأنقَذ البنَات مِن الوَأد الجَاهلي الذِي كَان يُسيطر عَلى عقُول أنَاس نَسوا مِن أيَن أتُوا ؟! وفِي أحشَاء مَن كَانوا ؟! ومَن اعتنَى بِهم فِي صُغرهم حتَى بَلغوا مَبلغ الرجَال ؟! وأظهَر – عَليه الصَلاة والسَلام – محَاسن البنَات، والخَير الوفِير الذِي يأتِي معَاهم، وحَث عَلى الاعتنَاء بهم، وألَا يَكون هنَاك تَفريق بَين الذَكر والأنْثى، فكلَاهما مِن عطَايا الرحمَن الرحِيم. وأوضَح المصْطفى – صَلى الله عَليه وسَلم – تفصِيلًا فِي سنَته الشَريفة المِيزة التِي تتَفرد بهَا الابْنة لمنْ أحسَن تَربيتهَا فعَن أمْ المؤمنِين عَائشة – رضيّ الله عنهَا – قَالت: قَال رسُول الله – صَلى الله عَليه وسَلم : ( لَيس أحَد مِن أمَتي يعُول ثلاثْ بنَات أوْ ثلاثْ أخوَات فيحسِن إليهنْ إلّا كُن لَه سِتراً مِن النَار) . ورَوى أنَس بِن مَالك – رضْي الله عَنه – أنَه قَال : قَال رسُول الله – صَلى الله عَليه وسَلم : ( مَن عَال جَاريتين حتَى تَبلغا جَاء يَوم القيَامة أنَا وهُو وضَم أصَابعه) . وعَن ابنِ عبَاس – رضْي الله عنْهما – قَال : قَال رسُول الله – صَلى الله عَليه وسَلم – : ( مَن ولدَت لَه ابنَة فَلم يَئدها، ولمْ يهنهَا، ولمْ يُؤثر وَلده عَليها [ يَعني الذَكر ] أدخَله الله الجَنة) . فبنتِي سَعادتي فِي الحيَاة الدُنيا، وحجَابي مِن النَار فِي الحيَاة الآخِرة. وعجَبًا لمنْ يَراها فِي عصْرنا الحَالي بمنْظور الجَاهلية أنهَا عَار رُغم العِلم الذِي نَحيا بَين دَفتي كُتبة موضحًا لنَا قِيمتها. بُنيتي لِي الشَرف العظِيم بتَربيتك، فأنتِ مُهجة فؤادِي، ونَبع الحنَان، وريِحانة دُنيتي، وسَعادتِي وحجَابي. اللهُم أصْلح لنَا الذُرية، وأرزقنَا بِرهم، وارزقهُم رضَانا.