حينما يكون الحديث حول شخصية اقتصادية، يُثير البعض تساؤلاتهم عما قدمته هذه الشخصية أو تلك من خدمات للمجتمع لتستحق هذا الحديث وتلك الكلمات، ويرى البعض أن من يتحدث عن رجل أعمال ويشيد بدوره في خدمة المجتمع دون أن يقدم ما يشفع له، فإنما يشيد بشخصية ترغب في البروز الإعلامي دون عمل قدمته. وكثيرًا ما يكون الحديث بين الإعلام ورجال الأعمال مليئًا بالضغوط فكلا الطرفين يرى أنه قدم للمجتمع ولم يجد من يدعمه . ومن أجل هذا فإننا لانجد من يعترف بالتقصير في العمل مهما كان، فالكل يحاول أن يثبت أداءه للعمل بشكل أفضل من غيره، وهذا ما جعلنا نسير داخل نطاق ضيق مغلفًا بكلمات النجاح المحقق قولًا لا فعلًا.
وفي افتتاح برنامج وفعاليات الأمانة العامة لتنمية قطاع الشباب بمنطقة مكة المكرمة، وأمام مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، اعترف رجل الأعمال الشيخ/ يوسف عوض الأحمدي بالتقصير في حق الشباب، وقالها صراحة أمام سموه الكريم، وهذا الاعتراف يؤكد أن الشيخ/ يوسف الأحمدي يدرك تمام أهمية الشباب وما ينبغي أن ينالوه من دعم وتشجييع لتولي مسؤوليتهم المستقبلية. ودون النظر للمكاسب التي سيحققها الشيخ/ يوسف سواء كانت مادية أم اجتماعية، فإن الاعتراف بالشباب وأحقيتهم في الحصول على ما يصبون إليه، لا ينبغي أن نجعله منحصرًا على الدولة وحدها، وأن نظل نطالب بتوفير احتياجات الشباب، ولا نطالب رجال الأعمال بما ينبغي أن يقدمونه للشباب. إن الشيخ / يوسف الأحمدي كشف الحقيقة المتمثلة في تقصير رجال الأعمال بحق الشباب، وفي المقابل أحرج رجال الأعمال الذين يدعون سعيهم لخدمة الشباب. ولا أريد الاسترسال فيما قدمه ويقدمه الشيخ/ يوسف الأحمدي للشباب بمكة المكرمة، لكنني أتوقف أمام موقف عشته قبل سنوات خلال زيارتي لمركز تقني، وهو مركز يعمل على تدريب الشباب على أعمال تقنية الحاسب الآلي وتهيئتهم للعمل. وأثناء دخولي للمركز توقفت أمام قاعة أطلق عليها “قاعة الشيخ/ يوسف الأحمدي”، وكان لابد من السؤال والتعرف على هذه القاعة وسبب تسميتها، ووجدت أن الشيخ/ يوسف الأحمدي يتبرع لهذا المركز كل عام من أجل تدريب الشباب وجذبهم نحو المركز بدلًا من تسكعهم بالشوارع والطرقات.
وأعيد مجددًا القول بأن مواقف بعض رجال الأعمال بمكة المكرمة من مؤسسات المجتمع المدني، وإصرارهم على دعمها وفقا لشروط مسبقة، أبرزها الحصول على عضوية بمجلس الإدارة، أو عضوية شرفية تضمن تواجدهم بالصفوف الأولى بكافة الفعاليات والمناسبات، مع ضرورة أن يحظى دعمهم المالي بالبروز الإعلامي بالصحف والمجلات المحلية والقنوات الفضائية بكل خبر أو لقاء، أضاع الكثير من الجهود وجعل العديد من مسؤولي مؤسسات المجتمع المدني يقفون في مواقف لا يحسدون عليها، فلا هم قادرون على الوفاء بهذه المطالب، ولا هم مالكون للأموال التي تمكنهم من أداء رسالتهم بشكل يرضي الجميع. والمؤسف أن هناك بعضًا من رجال الأعمال بمكة المكرمة يربطون دعمهم لمؤسسات المجتمع بمواقف سابقة لهم مع من يتولون إدارتها، ولهذا نرى الكثير من هذه المؤسسات عاجزة عن تقديم برامجها بشكل يرضى عنها المجتمع، فنراها تتقدم خطوة وتتوقف خطوات، والأمثلة واضحة ولا تحتاج لإثبات. ولا أسوق هذا القول لموقف شخصي تجاه رجال الأعمال بمكة المكرمة، فهناك من يشاد بمواقفهم الإنسانية والنبيلة، وهناك آخرون من العيب أن يقال بأنهم رجال أعمال بمكة المكرمة.
وأتمنى من رجال الأعمال خاصة من هم بمكة المكرمة أن يقتدوا بما قدمه ويقدمه الشيخ/ يوسف الأحمدي من جهود يشكر عليها، إن هم أرادوا خدمة مكة المكرمة وأبنائها فعلًا لا قولًا .