عندما تكون العاطفة الإنسانية هي الآمرة الناهية في توجيه سلوك الناس وتنفيذ أعمالهم؛ فإن النتائج المنبثقة عن ذلك ستكون كارثية، وبالتالي لن تحقق الأهداف الحقيقية للمصلحة العامة كما ينبغي .. وهناك تداخل فكري وترابط عضوي بين العاطفة والعنصرية، ونستطيع القول بأن الخصلتين وجهان لعملة واحدة، فالعاطفة لا تنمو وتزدهر في عقول مريديها بمفهومها السلبي إلا في إطار خصب من البيئة العنصرية .. وبالمقابل فإن العقلانية هي المشعل المضيء والمحرك الإيجابي لاتخاذ القرار الرشيد علی جميع المستويات، ولو تعمقنا في البحث عن ماهية المصطلحين أقصد العاطفة والعقلانية، لوجدنا أن العقلانيين هم الذين يعول عليهم المجمتع في تقديم الخدمات الراقية والعادلة بالشكل الذي يليق .. بينما نجد العاطفيين هم أصحاب هوی، وأعمالهم لا تتجاوز فقاعات صابونية متطايرة لا تلبث أن تزول مع أي نسمة هواء .. العاطفي دائمًا يكون متسرعًا في حكمه، وقاصرًا في نظرته، وجميع مايقوم به من أقوال وأفعال هي مجرد ردود فعل فورية لما يراه مخالفًا لعاطفته، بصرف النظر عن عمق واستراتيجية الفكرة التي تلقاها، ومدی توافقها مع مبدأ المصلحة العامة .. وحتی نكبح جماح العاطفة لابد لنا أن نتعود علی امتصاص صدماتها، ومن ثم تحويل مسارها إلی الطريق العقلاني الصحيح .. ورسولنا صلی الله عليه وسلم خير قدوة، فلم يتعاطف مع آل بيته خاصة أو مع قريش عامة من أجل رابطة النسب، وإنما معياره عليه السلام هو التوحيد والتوحيد فقط، وهذا هو سلمان الفارسي وبلال بن رباح كلاهما من خارج النسب وخارج قريش، وكلاهما ممن اعتمد عليهما رسول الأمة وعهد إليهما الاستشارة الحربية وشعيرة الأذان للصلاة .. فما بال أقوام بين أظهرنا مازال هاجس الأنا يتلبسهم بشكل لا يليق ولا يجب، خصوصًا في هذا الوقت الذي يحتم علينا جميعا الانصهار التام تحت لواء الوطن .
0