النفس البشرية فُطرت على حب الملذات ، منها الحلال ومنها المحرّم ، ولطمع بني آدم ، لم يكتفِ بالحلال برغم كثرته وتنوعه ؛بل تاقت نفسه للملذات المحظورة شرعًا ، ولأن الإنسان نسي وعجول ومخطيء ، فقد تاقت نفسه إلى التصدي لكل ما يعكر صفو مزاجه ، ونحن نعلم يقينًا قوة حكومتنا في الحق ، فهي دولة قامت على منهج واضح لا مراء فيه ، ومن ضمن أبجديات منظومتها الشرعية ، من ضمنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لأنه من ثوابت الدين واستقرار المجتمعات، وفي بلادنا ميزة وخصيصة تمايزت بها عن غيرها ، وهي وجود رجال الهيئة أو الحسبة الذين يحاربون السحرة والمشعوذين والمفسدين، وما هم إلّا جنود مجندون لخدمة الدين ثم الوطن ، فبيقظتهم -بعد الله – مُنع المجتمع من انزلاقات أخلاقية وشرعية عظام . فنحن أمام مجتمع تشكل فيه نسبة الشباب أكثر من سبعين بالمائة ، وأمام هذه الفورة المتوقدة يقف رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حصنًا منيعًا أمام بعض السلوكيات التي قد تتسبب في انحدار المجتمع . ولا ننكر أن النفس البشرية تخطيء وتصيب ، فهي ليست معصومة ، ولكن هل يستوجب الخطأ البسيط كل هذا الهجوم من وسائل الإعلام المحسوبة على البلد؟ لا شك أن الصراخ على قدر الألم ،فالضربات الموجعة الاستباقية من رجال الحسبة جعلت “الشهوانيين ” يفقدون صوابهم وتتبعثر أوراق أجندتهم ، ولعلنا نذكر بعض محاسن الهيئة – بارك الله جهودهم- كم من فتاة قبض عليها في خلوة مع شاب وسُتر عليها ؟ كم من مخمور وجدوه يترنّح لا يدري أين الطريق فحضنوه حتى استفاق ؟ كم من فتاة من فتياتنا -أعراضنا – هُددت من قبل أجنبي مبتز فعُمِلَ له كمين محكم وأطيح به؟ كم من أسرة كانت آمنة مطمئنة فتسلط عليها ذئب بشري ينهش لحمها ويدمر مستقبلها فكان رجال الدين لهم بالمرصاد؟ كم من مصنع للخمر أهريقت خزاناته تجري على الأرض كالسيول بفعل الأبطال؟ نحن ننعم بالأمن علينا وأبنائنا ، فالهيئة تقف بجانب المدرسة والسوق ، لا لشيء ، ولكن من منطلق الإيمان وحماية المجتمعات ، وهذا الجهاز المبارك أنشيء لحماية المجتمع من الآفات ، والعجب أن نرى أكثر المتذمرين منه يشتغلون في الصحافة والإعلام ولهم نداءات غريبة ، فهم ينادون بحرية المرأة، وتبرجها ، وسفورها ، وسفرها بغير محرم ، وبفتح المجمعات التجارية أمام الشباب المعاكس ، وبمساواة الرجل بالمرأة في كل شيء ، والناظر لهذه الخزعبلات ، والترهات ، يجدها لا أصل لها في الدين ، فالمرأة كرمها الله بحشمتها وصون عفافها ، فلا خير فيها إن تبرجت ، وتكشفت ، فهل رأينا يومًا نفسًا تتوق شوقًا لسلعة مكشوفة على قارعة الطريق ؟ كلّا ، المرأة الجميلة هي التي تضع نصب عينيها مخافة الله ، وكذلك علمها المطلق بأن من يريد الحرية لها – كما يزعم – فإنما يريد أن يبتذلها بطرقه الشيطانية ، ثم يلقي بها بعيدًا .
نحن مع أسود سلمان ، فكما لملك الحزم والعزم جنود يدافعون عن الوطن ، فله أيضًا جنود أشاوس يدفعون غوائل الشهوة والشهوانيين ، رضي من رضي ، ويأبى من شاء ، وإن كانت هنا أخطاءٌ لرجال الهيئة فهي كأي مؤسسة في الدولة لها حسناتها وسيئاتها ، ولكن الجانب الخيري طاغ على أعمالها ، حفظ الله بلادنا ، وحكومتنا ، وأمننا، ورجال الحسبة، ودعاتنا ، وسدد خطاهم على طريق الخير ، ولا عزاء لمن يريد إلغاء الجهاز المبارك فكل الشعب عضو في الهيئة بفطرته ونخوته ورجولته.
كلام في الصميم
كثّر الله من أمثالك ومن كل غيور على دينه
ونستعرض هنا آية كريمة تؤكد رفعة مقام من يعمل في هذا السلك :
((كُنتُمْ)) أيها المسلمون، و”كان” لمجرد الربط، لا بمعنى الماضي ((خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ))، أي خير جماعة ظهرت للناس، فإن كل أمة تظهر للناس في فترة ثم تختفي وتغيب لتأخذ مكانها أمة أخرى، وإنما كان المسلمون خير أمة لخصالٍ بها تترقّى الأمم الى الأوج هي ((تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) فإن المجتمع إذا خلى عن هذين الواجبين أخذ يهوي نحو السفل لما جُبل عليه من الفساد والفوضى والشغب، فإذا تحلّى المجتمع بهذين الأمرين أخذ يتقدّم نحو مدارج الإنسانية والحضارة الحقيقية حتى يصل الى قمة البشرية .
أعانهمالله عاى الرذيلة ومحاميها.. شكرا أيها الكاتب المحترم.