المقالات

صُورٌ بدون (تشيز)

مسؤولٌ دونه مسؤولٌ، يعتليه مسؤولٌ، وهنا مسؤولٌ صغير محصورٌ خلفهما في توقُّفات لحظية تصويرية، اختناقاتٌ في أجزاء قصيرة من خفايا الوقت، نفس يردفه نفس، ونفس صاعد يعاكسه نفس هابط، والدهشة هناك تعلو المحيا، وتتسارع الخطوات لتلاحق الأضواء، أي تلهُّف هذا، وأي ارتباك هذا، وأي لَهث هذا، ولكن يا روعة جمال الصورة..!! وياحلاوة من كانت صورته في وسط البرواز الأمامي، ويا سوء من تأخرت صورته وكان ترتيبه في آخر عتمة المكان..!! ففي الصف الأخير تُحجب الكثير من الوجوه المتعطِّشة، وفي الخلف تبقى الذكريات حبيسة في صدور أشخاصها، هي حظوظ فقط. الصورة المبعوثة من ذلك الزوم الضيق المبهر الصغير يُظهر للأنظار وللوهلة الأولى أحجامًا أكبر من الرؤية الفنية لمحيط العدسة ذاتها..!!

تطورت العدسة وتأخرت أحوال الوجوه الأصلية، وتغيرت أوضاع العدسة وبقيت أفهام أصحابها في أوضاعها القديمة، وفي تلك الصورة المثالية يبتسم الحظ لعابر طريق .. أو مصادف تصوير .. أو مزعج لأجواء التصوير .. فيُوبخونه ويُفهِمونه بعنف،”سكوت حنصور” ولضمان هدوئه يضم حالا لسعداء لحظة بهجة التصوير، فيظهر في مكان لا يتسع لحضور شخص ولكن لحلاوة التصوير يكفيه ذلك الحيز الضَّيق، القدر أحضره من حيث لم يحتسب، ومن حيث لا يرغب المخرج وظهر كما ظهر أبطال الموقف، وأركان الحدث لم يعيروه اهتماما، ولكنه تناول جزءًا من كعكة التصوير في حضرة المسؤول البعيد من حيث لم يعلم، هكذا حظه بان، وهكذا دوره كان، فقد سدت الثغرات الجانبية من الصورة؛حتى تكتمل فصول المناسبة.

أجمل مافي الصورة أنها لا تُظهر آثار الوجوه الساخطة، ولا أصوات المكان الصاخبة، ولا حتى البسمات الساخرة، ولا أنَّات المرافقين، ولا زفرات الأنفاس المثقلة، والسيد أدمز يخبرنا: “لا يوجد أسوأ من صورة رائعة لمفهوم غامض..!!))، وأجمل ما في الصورة أنها لحظات زائفة تشعر الجميع بلاهة وبلادة .. أن كل الوجود منشد ومتوجه في تلك الثواني إلى الوجوه المعبرة، وما علموا أنهم منشدون لبعضهم بعضا فقط، وأنهم مغيبون لوحدهم في ذلك المكان المحدد المختنق، والمكان العابر .. فما جمعتهم إلا صورة، وما ستفرقهم إلا صورة..!! تشتد حرارة إضاءات فلاشاتها قسرًا، وأيضا المخرج يستهويه ذلك..!! ليت الحياة كلها صورة أقرب للحقيقة.. وليت الحياة جلها صورة أبعد عن الخيال.. فما أجمل الصورة النقية ذات الألوان الصافية، وليت الصورة تظهرنا فعلا وكأننا لا نحتاج إلى تحريك شفاهنا على وزن كلمة مؤقتة “تشيز”.. فكم صورة نحرِّك لها شفاهنا اصطناعا ..؟ نريد صورة طبيعية من أقصى أعماقنا تُظهرنا بدون مكياج وبدون “تشيز”.

عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. للأسف الصورة الحقيقة مزيفة في كثير من الأحيان .. هذه الحقيقة المرة !!

  2. نعم نريد صوره نقيه ذات الالوان الصافيه رائع رائع سلمت يداك ابومحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى