المقالات

وفّـــهِ التنكيلا

كل يومٍ يخرج علينا التعليم بالعجائب ، فبمجرد أن يتكدر خاطر الطالب تجد الدنيا تقوم ولا تقعد ، فبدّلوا مكان وفه التبجيلا ، جعلوها وفه التنكيلا ، فضُربتِ الأمة في مقتل ، ليس ذلك فحسب ؛ بل ما خفي أعظم وأطم ، نعم أبتلي التعليم بمن هم ليسوا بأهل له ، وهذه مشكلة يتقاسم نتائجها قطبا التعليم المدرسي والجامعي، ولكن أين الوعي عند المجتمع والوزارة تجاه حقوق الأب المعلم ؟ هناك نظرة سائدة في المجتمع بأن المعلم في مهنة من أسهل المهن ، ويتقاضى أجرًا هو الأعلى على مستوى وظائف الدولة ، وهذه معلومة مغلوطة وسابقتها كذلك ، أمّا بالنسبة لسهولة المهنة فالكل درس ويعرف أنّ المعلم يدخل الفصل ويظل قائمًا حتى قرع الجرس ، وليس ذلك فحسب ؛ بل يتكلم طيلة الحصة الدراسية ، ويخرج من حجرة، ويدخل أخرى ، وهكذا دواليك طيلة اليوم الدراسي، ولا أحد ينكر ذلك ، أمّا بالنسبة لما يتقاضاه من مرتب عالٍ فهذه ترهات تنضاف إلى الافتئات على المعلم ، فالمعلم لا يوجد لديه أي بدلات سوى بدل نقل ، ويشهد على ذلك مطالباتهم بدرجاتهم الوظيفية التي سُلِبت بغير وجه حق ، ولم نرَ مسؤولًا في يوم ينصف المعلم ؛ بل عندما يسيء الطالب أدبه ويحاول المعلم تقويمه وتصحيحه كأبٍ له ، تجد الدنيا تقوم ولا تقعد ، ويهرع المسؤولون بتقصي الحقائق وإيقاف المعلم عن العمل ، وكذلك جلب الصحافة، وولي أمر الطالب لكي يتصوّر مع المسؤول ، ويهديه “آي باد “عفوًا الآيباد للصحة ، يهديه دراجة أو “طقطيقة” أو حبات “باراجون ” للتسلية ، كم هي الصورة مؤلمة أن يجازى من يعمل لبناء البلد بتصرف كهذا ، أنا أجزم لو أنّ المسؤول في الفصل وأساء الطالب معه الأدب لتصرّف بتصرف يفوق تصرف الأستاذ ، وادعاء المثالية لأجل الكرسي الدوّار باتت لعبة مكشوفة ، فها هو مدير تعليم بإحدى المناطق يرد على طالب ناقشه بقوله : من سمح لك بالكلام ؟ أنت وش اسمك ؟ بعد اللقاء لا تروح أبيك ؟ وعندما أدرك خطأه لجأ للعلاج الفعّال ، صورة في المكتب وشهادة عبارة عن ورقة A4 ممهورة بتوقيع سعادته .

ما أسهل أن ندعي المثالية ، ولكن من الصعب انصاف المظلومين ، نحن ضد المعلمين الذين يتكلمون بكلام خارج عن الذوق، أو يتصرفون بانفعالية ؛ لا سيما أنهم هم من يربي الأجيال ، ولكن في المقابل على الأسرة احتواء أبنائها ، وتربيتهم التربية الصحيحة ، ينضاف إلى ذلك على المدرسة القيام بمهامها ، وكذلك الذي يصدر أوامره للمعلمين وبجانبه مكيف “إسبلت بست ريش”، عليهم تدارك خطورة اضطهاد المعلم وخير شاهد حالات التقاعد المبكر .

د. نايف عبدالعزيز الحارثي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. بورك فيك دكتور نايف كما يقال على الجرح وقعت ليت من يدعون المثالية ينزلون للميدان التربوي ثم يسطرون و يحللون واقع تعليمنا و ما يواجه المعلم من صعوبات مختلفة سواء بإتجاه الطلاب أو غيرهم. بورك فيك

  2. بارك الله فيك يا دكتور مقال رائع جدا

    في الصميم وهذا للاسف الواقع في التعليم

  3. كلام من ذهب يحاكي الواقع وبمرارة ، أنا لا أدري إلى متى المثالية حد التقزيز عند أرباب الكراسي ؟؟
    ضعف في القرارات ، خوف من المسؤول ، فحلنة على المرؤوس وسيناريو يطول .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى