المقالات

علموا أولادكم قول “أنا آسف”

  • أراد خليجي أن يأخذ بعض الحاجيات إلي مغسلة الملابس، فأوقف سيارته بالشارع المحاذي للمغسلة، وكان الطريق ضيقًا لدرجة بالكاد تمر بجانبه سيارة أخرى، وما إن هم بإخراج الملابس من الصندوق الخلفي للسيارة، وأراد أن يمر بجوار الجدار ليدخل المغسلة حتى واجهه آسيوي، فقال صاحبنا آسف سيدي، فأجابه الأسيوي: “أوكي”، فتنازل الخليجي عن الطريق للآسيوي، فمر مع ابتسامة شكر مرسومة على وجهه، فدخلا المغسلة معا ووقفا مقابل طاولة الاستقبال، وبينما الخليجي يكلم موظف المغسلة، سأله الآسيوي بالإنجليزي: ” هل أنت مواطن؟ استغرب الخليجي من السؤال، وقال له: نعم، ولكن لِم السؤال أخي ؟ فقال الآسيوي: غريبة ! إنه حدث سأسجله بأرشيف حياتي، فقال له: وما الغريب في ذلك ؟ هل هو ملابسي ؟ فقال له : لا، أنا ساكن بهذه المدينة خمس عشرة سنة، وانتقلت الى عدة مدن من بلدكم، وأول مرة أسمع مواطن يقول لي: ” أسف سيدي” . مع الأسف، وأقولها بشفافية، فبرغم سمات الشجاعة التي يتصف بها مجتمعنا، ورغم ثقافتنا الإسلامية التي تؤكد على التوبة، إلا أن أغلبنا تغيب عن مضامين ثقافة الاعتذار في علاقاتنا الاجتماعية؛ حيث يعتبرها البعض شكلًا من أشكال الضعف، رغم ان الاعتذار لا يعمل به إلا من يملك مستوى عاليًا من الشجاعة الأخلاقية والإنسانية. إن كلمة أسف ساحرة ومؤثرة إذا صدرت من القلب إلي القلب، موجاتها وذبذباتها تهز طبلة أذن السامع، فتترجم إلى إشارات معلوماتية كهربائية مباشرة إلي قسم التفكير والتحليل في الدماغ، فيأتي الأمر بإفراز هرمون الراحة، فتؤثر في الحال على صاحبها بالطمأنينة والهدوء وراحة البال فتقل ضربات القلب، ويعتدل ضغط الدم، فتختفي شحنة الغضب المهيمنة على الروح، فيذهب احمرار الوجه ويرجع إلي طبيعته، وتعود معه الابتسامة، فيصفح صاحبنا للمعتذر الذي أمامه وتعود المياه إلي مجاريها. إخوتي .. لنربي ولنعود أبناءنا على لغة الصفح وترديد كلمة أسف، ولننشرها كثقافة إنسانية أتت من السماء، ولنخبرهم أن الأنبياء جميعًا بعثوا ليعلمونا ويغرسوا فينا مكارم الأخلاق وكيف نعتذر بابتسامة لمن نخطئ أو لم نخطئ في حقهم .

    فوزي صادق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى