في ظل تزايد متطلبات الحياة اليومية، وارتفاع تكلفة السلع الاستهلاكية تطلع عدد ليس بالقليل من المتقاعدين إلى الخلاص من معاناتهم مترقبين ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الشورى الذي وضع قضيتهم ضمن جدول أعماله. بدى بعض أعضاء المجلس الجالسين على الكراسي ذات الثمن الباهظ غير مبالين بحال أولئك البؤساء، ولم يجدوا حرجًا في التصويت ضد قرار وضع حد أدنى لرواتب المتقاعدين؛ بحيث لا تقل عن 3 آلاف ريال على الرغم من أن ذلك القرار لم يكن بحاجة للنقاش أصلًا، ما دام هناك أمر بأن لا تقل أجور السعوديين عن ذلك الحد. ليس من المنطقي أن يتقاضى مواطن سعودي مبلغًا يقل عن 3 آلاف ريال بعد خدمته لوطنه في مجال عمله أيًّا كان ذلك المجال، حتى وإن استلزم الأمر استقطاع جزءًا يسيرًا مما يتقاضاه بعض أعضاء المجلس الذي يصل إلى عشرة أضعاف الحد الأدنى المطروح على طاولة النقاش، إن كان هناك استشعار حقيقي بالمسؤولية الاجتماعية. انخفاض مرتبات المتقاعدين سيسهم في بحثهم عن فرص وظيفية أخرى بعد تقاعدهم لتوفير حياة كريمة لهم ولأبنائهم، وهذا التوجه لا يقتصر أثره على الإنسان المتقاعد فحسب، بل يتسبب كذلك في تقليص الفرص الوظيفية أمام الشباب مع منافسة المسنين لهم، وبذلك تنتج أزمة جديدة تعمق مشكلة البطالة وتقف عائقًا أمام محاولات حلها. وإن كان المجلس قد ناقش مرارًا وتكرارًا قضية الحد الأدنى في المرتبات، فإنه قد حان الوقت كذلك لمناقشة الحد الأعلى منها لتقليص الفجوة بين أجور المواطنين، إذ ليس من المنطقي أن يتقاضى شخص واحد في المجلس ما يتقاضاه خمسة عشر مواطنًا آخر من المتقاعدين أو غيرهم، وهذا سيساهم في سحق الطبقة المتوسطة في المجتمع، ويتحول إلى طبقتين إما طبقة فاحشة الثراء أو طبقة لا تكاد تجد ما يسكت جوعها. مجلس الشورى مطالب بأن يُمثل صوت المواطن لا صوت المسؤول، وإن استمر الحال على ما هو عليه فإنه من الضروري إيجاد مقاعد في المجلس للشباب والمواطنين البسطاء؛ ليدافعوا عن قضاياهم ويطالبوا بحقوقهم المدنية التي تكفلها لهم الدولة بدلًا من أن تظل معاناتهم معلقة بأشخاص لم يواجهوا قسوة الحياة، ولم يتكبدوا مرارة العيش فيها.
ياسر صالح البهيجان