حينما تضع أجهزة الدولة خططها وبرامجها الخدمية، فإنها تستهدف توفير سبل الراحة للمواطنين وتمكينهم من الحصول على خدماتهم دون الحاجة للبحث عن قريب أو صديق يساعدهم في إنجاز معاملاتهم، ولضمان الخدمة بشكل جيد تمنح الوزارات قطاعاتها الفرعية صلاحيات متابعة ومراقبة التزام الموظفين والرفع عن المقصرين منهم لمعاقبتهم وفقًا لأنظمة الدولة. وقد يكون مثل هذا الإجراء منفذ ببعض أفرع الوزارات ونلحظ أن هناك التزام من قبل الموظفين بنسبة تصل إلى نحو 90 ــ 95 %، لكننا نجد العكس تمامًا داخل أروقة أمانة العاصمة المقدسة وبلدياتها الفرعية، فبعض مديري الإدارات ورؤساء البلديات الفرعية لا يمكن أن تجدهم في مكاتبهم قبل العاشرة صباحًا، أما عن الموظفين فتتوزع مواعيد حضورهم وفقا لمراتبهم الوظيفية، فالموظف العادي يكون حضوره قبل حضور رئيس القسم، ورئيس القسم يتقدم في الحضور على مدير الإدارة، وهكذا حدث ولا حرج فلكل منهم مواعيد خاصة يحضر فيها وقتما يشاء، وأخرى للخروج تتوزع بين خروج لإحضار الأبناء من مدارسهم في الساعة الثانية عشرة والعودة بعد الواحدة والنصف أو الثانية، وخروج باعتبار انتهاء الدوام يكون بعد الواحد والنصف والثانية ظهرا.
أما توقف العمل لأداء صلاة الظهر فيكون قبل موعد الأذان وليس قبل الإقامة بنحو 15 دقيقة، والعودة بعد الصلاة ترتبط بمرتبة الموظف، فالموظف العادي يعود لمباشرة عمله بعد انتهاء الصلاة داخل المنشأة بنصف ساعة يليه البقية بمواعيد مختلفة، أما رئيس البلدية الفرعية فلا يمكن أن يعود من انتهاء الصلاة قبل الساعة الثانية ظهرا . فأين هي إدارة المتابعة بأمانة العاصمة المقدسة ؟! وأين هي خدمات الأمانة للمواطنين التي تتحدث عنها دوما ؟ وهل يرى مسؤولو الأمانة أن المواطنين المراجعين لها أو لأي من بلدياتها الفرعية يجب أن يخضعوا لأهواء وأمزجة رؤساء البلديات وموظفيها!.
إن المواطن صاحب حق ويجب خدمته، والدولة ـ رعاها الله ـ حينما أوجدت الموظف أو الرئيس أو المدير أو حتى الأمين داخل الأمانة فإنها أوجدتهم لخدمة المواطن، فلماذا لا ينال المواطن حقه ؟ ويبقى مراجعًا هنا وهناك أيامًا وأسابيع وقد تمتد لأشهر . فمتى يدرك مسؤولو أمانة العاصمة المقدسة مسؤوليتهم، ويسعون لخدمة المواطنين عملًا لا قولًا، ومتى تستيقظ ضمائرهم ويرون أن مرتباتهم التي يتقاضونها إنما هي من أجل خدمة المواطنين، لا من أجل قضاء الوقت في الكلام وشرب الشاي وإحضار الأبناء. وقبل الختام أقول إن مسؤولي أمانة العاصمة المقدسة سينفون بشكل قاطع ما تناولته، وأملي قبل أن تدون أقلامهم هذا النفي أن يقوموا بزيارات مفاجئة غير مرتبة لتظهر لهم الحقيقة الغائبة، وكان الله في عون المواطن الذي يتحول إلى متسول بين مكاتب الموظفين لإنهاء معاملته. وليت مسؤولي الأمانة يشكلون فرقًا لمنع أي مسؤول من التواجد بالأمانة أو البلدية بعد انتهاء الدوام والرسمي وخروج الموظفين، فمباني الأمانة ليست استراحات خاصة يقضون فيها أوقاتهم مع أصدقائهم حتى تعد نساؤهم طعام الغداء .
أحمد صالح حلبي