عبدالرحمن الأحمدي

التَّقاعد المبكِّر .. ما بين الرَّغبة والإجبار

أصبح التقاعد المبكر ضمن اهتمامات الموظفين في مختلف الدوائر الحكومية المدنية خاصَّة فيمن اقترب من خدمة العشرين عاما وأكثر، فتبدأ الحسابات العملية الواقعية للحياة المعيشية المفترضة، ويكون محور النقاش والاهتمام حول التأثرات والتأثيرات المادية من جراء حتمية انخفاض الرواتب إلى الثلث تقريباًً لمن فكر وبكر في الانفكاك عن الوظيفة، بعد استعراض كشف حساب الديون المتعددة من القروض البنكية، أو من الأقساط المستحقة للشركات ، أو الديون الشخصية من الأفراد للأفراد، وهناك من بين بعض الموظفين ممن لديه الخبرة المناسبة في الحسابات المالية قبل وبعد التقاعد؛ ليقدم الاستشارة المجانية حول الوقت المناسب لوداع الموظف والجلوس في البيت، أو الإتجاه إلى مجال آخر من مجالات الرزق، فمعظمنا – نجد أنفسنا – متزاحمون في الأعمال الحكومية الرسمية،ونسينا المجال الأرحب من الرزق في الأعمال التجارية الخاصة والتي هي مجال حقيقي للتنوع والتوسع والانطلاق إلى الأفضل في الحياة.

وقد يكون هناك أسبابٌ للتغير في قناعات الموظفين مؤخرًا عن الأجيال السابقة من حيث التقاعد المبكر، فلا نسمع من غالبية الموظفين إلا الرغبة الجامحة في الترجل عن صهوة جواد الوظيفة، فعلى الرغم من اختلاف الظروف العملية من قلة ساعات الدوام الفعلي مقارنة بالقطاع الخاص، ووجود حرية أكبر من حيث بدء الدوام وانتهائه ومرونة الا ستئذان والإجازات طوال العام، إلا أن هناك تضجرًا وسأمًا من الروتين الوظيفي اليومي بما يجلب الرتابة والملل، وأتذكر هنا حديث الموظف “محمد”َ أحد العاملين الحكوميين والذي سبق له العمل في القطاع الأهلي .. يقول: على أن العمل في القطاعات غير الحكومية يتميز بالنظام الصارم .. والتقيد بساعات العمل .. وكثرة الأعمال .. والمهام المنوطة، إلا أنني كنت أجد الكثير من المتعة والنشاط والتحدي في القيام بأداء المسؤوليات، ويعود السبب في ذلك لوضوح الرؤية والهدف الرئيس من خدمات المنشأة، بعكس العمل في الدوائر الحكومية، تداخلٌ في المهام .. وتضارب في الأوامر .. وتناقض في التوجيهات .. وتشويش في الرؤى .. وغياب العدالة في الحوافز والترقيات.

واعتقد شخصيا – والله أعلم – أنه ينقصنا في القطاع الحكومي العمل المؤسساتي الجاد والبيِّن ضمن خطط مدروسة طويلة أو قصيرة الأجل، وتوفير الامكانات المساعدة في بيئة صالحة، بالإضافة إلى وجود المزايا التحفيزية من مغريات مالية من بدل سكن أوتأمين صحي، وكواقع متى ما شعر الموظف بحرص إدارته العلياعلى تأمين كل احتياجاته الحياتية الضرورية، كل ما كان مقبلا على وظيفته بحماس بالغ وجدية متميزة، فقطاع كالتعليم على سبيل المثال، لا أعلم حقيقةً تأخر الوزارة في تطبيق التأمين الصحي على منسوبيهاعلى أقل تقدير، فشريحة المعلمين كبيرة جدا، وهي مطمع لتهافت أي شركة تأمين صحي نحو التعاقد مع منسوبي الوزارة، عموماً ومن باب الاستبشار والأمل، يحدونا التفاؤل بالتحرك الملائم تجاه الأجمل في ظل التحول الوطني المبارك في المستقبل القريب.

عبدالرحمن عبدالقادر الأحمدي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. صدقت يا ابا محمد نامل ان يتم تغير الروتين بالقريب العاجل وجعل بيئة العمل بيئه صحيه وجاذبه لمنسوبيها موضوع قيم وفي الصميم شكرا لك

  2. اشكرك يابومحمد على التطرق لهذا الموضوع الحيوي والذي كتب عنه في الاونه الاخيره الكثير من الكتاب والمهتمين سواءً في الصحف الورقية أو الالكترونيه وفي غيرها من وسائل الاعلام الاخرى فأهمية التقاعد أنه يتصل بحياة الموظف صله وثيقه يترتب عليه الكثير من الامور والمعطيات ولكن الفرق عندك يابومحمد أنك سردت الموضوع بطريقه ذكيه احطت بالموضوع بطريقه فعاله ومختصره من غير اخلال بطبيعة الفائده من المقال المبارك إن شاء الله وأظيف من عندي ان مسألة العمل الحكومي كان لزاماً على الحكومه وفقها الله من زمن بعيد جعلت العمل في النظام الحكومي نفس تجربة وعمل الشركات في القطاع الخاص في اداء العمل واهميته وكذالك في التعامل مع الموظف وهذا ليس بالعمل الصعب او المستحيل لان الموظف السعودي اذا عودته على نمط معين سوف يتعود ويصبح العمل عنده اكثر متعه واكثر انتاجيه هذا هوالحل الانجع والافضل للمواطن السعودي وختاماً اكرر شكري لك يابومحمد على هذا المقال الممتع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى