عبدالحق هقي

نجوم وأقمار..

  • لُجة الأيقونات

     منطق الطير: “الأم تحب من كل قلبها، والأب يحب بكل قوته”- مدام دي بوارن

    ثمة حقيقة علمية تُشير إلى أن دورة حياة النجم تتوقف على حجمه، فكلما زاد حجم النجم قصر عمره؛ وذلك أشبه بقلب الآباء والأمهات، ففي عطائهم وتضحياتهم استنزاف لأعمارهم التي شاخت كي تثمر أجيالاً تتباهى بما وصلت له، فلما استوت على عودها أشغلت الحياة بعضها وأخذته في زحمتها، فتنكر لعظيم جهد بُذل وفضل جلل، وبعضٌ تراخى وتناسى، حتى ما إذا لاحت المناسبات أفاق من سكرته وأمطر الفضاءات شعرًا ونثرًا، وتغنى بالقول والمدح. وثمة حقيقة علمية أخرى مفادها أن الأقمار وإن عظمت تظل توابعًا تدور حول كواكبها، وأن قمر الأرض الذي نتغزل بضيائه معتم في أصله لا يشع، وإنما يستمد نوره من انعكاس الشمس، وذلك شأن الأبناء، فمهما كبروا وحاولوا الفكاك من رباط الأسرة إلاَّ وجدوا أنفسهم منجذبين نحوها، يهرعون لها متى ما هالهم واقع الحياة المر، يتدثرون دفأها، ويلتمسون في عيون الآباء والأمهات حنان العطف وحكمة السنين، ويستمدون من قلوبهم المعطاءة ضياء الدرب في سراديب الحياة. جميل أن تزدان أجدرنا وزوايانا ووسوماتنا وصفحاتنا الشخصية، ومساحات البوح بعبارات الثناء والعرفان تجاه الآباء والأمهات، ونتنافس في إبداء المشاعر وانتقاء العبارات، واستعراض الهدايا وصور “السلفي” كلما لاح عيدٌ أو ذكرى، وإن كان مبعث ذلك تكريس ثقافة الوفاء والاعتراف بالجميل، -وهو فعلٌ محمود ولا شك- غير أن ذلك عليه ألّا يتخذ طابع المناسباتية والاحتفائية، وإنما التحول إلى سلوك فاعل ومستمر ينعكس في علاقاتنا الفعلية وممارساتنا اليومية. إن الوفاء للآباء والأمهات يتجاوز مسألة البر والعطف ورد الجميل، وإنما هو دليل على الانتماء لذات الإنسان نفسه، والسعي نحو الحفاظ على السيرورة الإنسانية السوية، إنه التصالح مع “الداخل” الذي يرفض الانفكاك من أصله على تجاذبات “الخارج” ومغرياته؛ إن السعادة التي تغمر الفرد ببره بوالديه تتجاوز سعادتهما، إذْ في ذلك إشباعٌ لغريزة إنسانية سامية، وزَرعُ طمأنينة مستقبلية، إنه ليس مجرد شأن شخصي-أسري، وإنما مسألة وجودية تتعلق بالإنسانية واستمراريتها.

    خبر الهدهد: مبتزون أغبياء..

     عبد الحق هقي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رائعه جدا ? ولاكن للاسف لانفكر بامهاتنا وابائنا الا اذا ضاقت الدنيا علينا بما رحبت او للتقاط السلفي!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى