عبدالرزاق حسنين

قمار الفضائيات إلى أين !؟

تطالعنا العديد من القنوات الفضائية من وقت لآخر بمسابقات تصل جوائزها أحياناً لمليون ريال وأحياناً مفتاح ذهبي أو سبائك ذهب ولا غرابة أن تكون الجائزة بيت العمر كما يزعمون، وللأسف الشديد تستغل تلك القنوات الفكر السائد لدى البعض من الذين يحلمون بالثراء السريع، والمتابع لحال تلك القنوات وبعملية حسابية بسيطة يتأكد له مدى المردود المهول الذي يقدر بملايين الريالات، نتاج إتصالات متكررة لمن يؤمن بالحظ والثراء المزعوم، بل ويكابد في الجري خلفه، وقد ينفق البعض منهم عشرات الآلاف من الريالات لقاء الإتصال المباشر بالقناة أو عبر رسائل sms، والذي يشاع بأن سعر الدقيقة فيها يساوي تسعة ريالات يستهلكها المتصل في طول الحوار مع هاتف القناة، وبحسبة مالية بسيطة فلو بلغ المتصلون المليون من جميع أنحاء العالم وبحد أدنى دقيقتين، سيكون مدخول القناة ثمانية عشر مليون ريال في حين إجمالي جوائز القناة لا يتجاوز الخمسة أو السبعة ملايين ريال، وهنا وجه الإعتراض الشرعي الذي أوجز العلماء بعدم جوازه بل وتحريمه بإعتباره قماراً واضح المعالم. وقد أفتى كبار العلماء في المملكة بحرمان ذلك النوع من الجوائز، صعوداً إلى قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )المائدة:90، وهنا التعجب والسؤال إذ تعودنا السمع والطاعة لفتاوى علمائنا، ولكن يبدو إن تلك القنوات تلهث خلف مصلحة وجشع مادي غير مكترثة بالمصدر الذي نتج عنه الربح الفاحش المبني على أحلام الباحثين عن الثروة دون إعتبار للطريقة أو المصدر الذي تم به جمع تلك الأموال الطائلة، بل العجب والسؤال للقائمين على هذا الشأن في وزارة الثقافة والإعلام، لماذا هذا الصمت الرهيب على ذلك النوع من القنوات ومنها قنوات عربية، إنها وبكل أسف قنوات فضائية تدغدغ أحلام البسطاء والفقراء في الثراء المزعوم، وتتمثل بالعديد من طرق التحايل، (إذا أردت أن تسمن إتصل!؟ وإذا أردت أن تنحف إتصل!؟ و إذا أردت أن تفضفض بعد منتصف الليل إتصل!؟)، ولا يخفى على الجميع إنها نوع من الإستنزاف لأموال الناس بطريقة نشل أو سرقة تتماشى مع وسائل التواصل المعاصرة، التي يمارس فيها مقدم الحلقة أو المسابقة دور المهرج والبهلوان للترويج للمسابقة، وقد تمادى أحدهم حسبما تنشره تلك القناة بإعلاناتها بزيارة للأحياء الشعبية الفقيرة في بلد مجاور شقيق، وهذه من وجهة نظري سخافات وإستخفاف ولعب بعواطف تلك الفئة الكريمة من المجتمع، وقد يكون بعض المشاركين في المسابقات أو الفائزين فيها مأجورين للفت إنتباء المشاهد وخداعه بتدليس محرم شرعاً، وختاماً اسأل الله العلي القدير أن يعين القائمين على الثقافة والإعلام لما يحبه ويرضاه..
 عبدالرزاق سعيد حسنين

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. نعم مع الأسف استقلال البشر هذا هو الإعلام الجديد الاستبداد والفساد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى