عبدالرحمن الأحمدي

العمدةُ .. تناقضاتُ المعلِّم الكبير

في ركنه في المقهى الحديث، وعلى ناصية الرُّكن نفسه، يتربَّع ذلك الفيلسوف الاجتماعي وكما يُسمَّى محليًّا (أبو العِرِّيفِ)، ومِن حولِه المنتفعون.. وبعض الغلابة.. وقليل من الطُّرش الحمقى الذين لا يعلمون إلى أي اتِّجاه تسير القافلة، يحدِّثهم برُآه ونظراته الاجتماعية التي خطؤها أكثر من صوابها، وعقابها أقل من ثوابها، ولا ينسى التفاصيل الأخرى في كامل أحكامه الشخصية على قضايا المجتمع وعلى مواقفه، فهنا يحكم بالإيجاب، وهناك يحكم بالسلب، وهنالك يصدر أكثر من رأي، وهُنيَّاك يعمم أكثر من حكم، تتملَّكه الحماقة، ويتحكَّم فيه سوء الظن،وأحيانا يعجبه الغرور المتناهي. فالخطوات لديه في كل الأحداث مؤكدةويبصم على ذلك، وكأنه الحصيف الفاهم. فيصدقه الجميع تقربا وتوددا وتزلفا، بما فيهم الفاهمون بحقيقة الأمور، فلم يكن في الأمرمايستدعي المعارضة،لتَوافق التطلعات..!!

وتَعقِد الأقدار موعدا مع شخصه المتميز، فهناك
الحاجة لمسؤول بمواصفاته العظيمة!! ليكون العمدةَ المنتظر في ذلك الحي المعروف بما فيه المقهى الشهير، فقد مرَّ خمسة وثلاثون عاما والوضع على ماهو عليه، فالعقول متصلبة .. والأوراق متكدسة .. والأغبرة منتصبة على الرفوف .. وكأنها يائسة، بل يابسةٌ، فتتبدل معظم الآراء .. وتتغير الجُمل والعبارات .. وتختلف حينها كثير من الأحكام السابقة .. ويتبدل الحال بنسبة الضعف بعد الضعف، فينسى كل ما قيل، ويتنكَّر لكل ما أدلى فيه، ويتعدى ذلك إلى النفي التام، وتأخذه العزة بالأثم، والكبر يسود كامل الموقف. وينسى أنَّنا في عصر الكلمة الحاضرة و المسجلة، بالصورة النقية، والصوت الفاضح. والحسناء “العربية” تستضيفه وتستهويه، ولاعروبة ولاغرابة فقد عرضت”المجرم حسن” ولا مانع من الرأي المحلي الغائب الحاضر، في وقت أحوج ما يكون الوطن إلى إعلام قوي محترف. فالمحلي من تكرار بنات أفكارنا، وترديد قديم وجهات نظرنا، ولن يكون حتى في أسوأ الأمور إلا معنا لأبعد وآخر تناقضتنا .. وأقصى إيماننا الهش. فالضعف نهش أجسادنا، والوهن غطى أبصارنا. ولم نعد نحدد الهدف حتى نستطيع أن نصوب.

أيها العمدة حينما تريد أن تخادع تصوراتنا، وتنتزع اليقين من داخل صدورنا، فامحُ أوَّلا من ذاكرتنا المرهقة كلَّ كتابة شهدنا عليك فيها، وشهد بها عليك العصر، وكلَّ كلمة رأتها أعيننا، ومابين مسافة الكلمة المكتوبة والكلمة المرئية هناك “إضاءات” .. وهناك “شاهد على العصر”، وما أكثر الشهود في هذا العصر، والله خير الشاهدين قبل وحين يأتيك اليقين، فقل لي أين المفر حينها؟ وما هو التبرير الواضح أيها العامل الوطني المؤتمن لمواقف مخجلة متعبة؟ يالحلاوة الكرسي تُعمي، ويالحلاوة الأضواء تُجهر، ويالحسافة المبادئ الرصينة والقيم النبيلة. فما هو المقابل لنغير ونلون مواقفنا..؟ ولكن قبل أن نعبر بأفكارنا وآرائنا التي نحارب من أجلها ونغامر بل ونتحدى مَن حولنا من مجمل قتاعاتنا، وفينا وقتها المؤيد والمحفز والمشجع، وبعد أن نصل لا مانع من تغير كل فكر وفكرة ورأي، ولامانع من خسارة كل القناعات والتصورات وكل ذلك يسيرٌ جدا في مقابل تحولات ضمائرنا المريضة..!! وعسانا نحمد الله ونشكره وندعوه بأن يرزقنا بخير منه جدارة وكفاءة ، فوطننا يستحق والله كل خير ورفعة. ويحتاج منا جميعا (بصمة وطن).

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وفقك الله …اللهم سخر لهذا الوطن من الرجال المخلصين الذين يراقبون الله في السر والعلن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى