يحتفل العالم هذه الأيام بذكرى مرور 400 عام على وفاة الكاتب والشاعر الإنجليزي الشهير ويليام شكسبير ..المولود سنة1564م والمتوفي في 23 أبريل 1616م ..والذي يوافق أيضًا اليوم العالمي للكتاب ….. وبهذه المناسبة تنظم الأوساط الأدبية والثقافية في العديد من مدن العالم وفي مقدمتها مدينته التي ولد فيها مدينة ستراتفورد..مهرجانات أدبية وعروض مسرحية لكل أعمال شكسبير .. ومحاضرات ودراسات تلقي الضوء على حياته الشخصية والأدبية. .التي أثرت في مسار الأدب العالمي بأسره؛ بحيث لاتجد أدبًا محليًّا إلا وكان لشكسبير وشعره ومسرحياته بصمة واضحة المعالم عليه حيث ترجمت أعماله الأدبية لمعظم لغات العالم. واستفاد المسرحيون في العالم من هذه الأعمال …. ولاشك أن الاحتفال بالشاعر الكبير الذي يحتل الصدارة في التأثير على المثقفين والشعراء في العالم أجمع. .وهو احتفال بالقيمة التي تمثلها شخصيته الأدبية المتعددة المواهب والتصاقه باللغة الإنجليزية ومواقفه المتقدمة من فهم الشعر والفن عمومًا وعلاقة ذلك بالمجتمع الذي يعيش بين جوانبه ..والتغني بالشعر وسط الجموع . ويعتمد شعر شكسبير اعتمادًا كبيرًا على العمل على اللغة ..بل يصفه نقاده بأنه الوحيد الذي استطاع ثني حديد اللغة الإنجليزية التي كان يعتقد أنها عاجزة عن الإتيان بالنسيج الخشن والضربات القاسية والألوان القوية التأثير .. وقد تركز شعره في الجانب المسرحي..على الحض على القيم الإنسانية دون أن يغفل جانبًا من هموم وطنه. وكانت معظم شخصيات مسرحياته من غير الإنجليزسواء أكانت مسرحياته الكوميدية أو التراجيدية أو التاريخية. …هو صعب الفهم حينما تتم قراءته، ولكنه لايقاوم حينما يلقى على الإسماع ويذاع .. وكان الشعر بالنسبة له ليس مناورة أو محاولة للإصلاح، بل اكتساحا للوضع الإنساني في كل مكان. .والصعوبة في قراءة شعره -إن وجدت- فإنها نتيجة رغبته في الوصول إلى أشياء عديدة في مقاطع قصيرة؟! وكما في كل أنحاء العالم ..تحتفل أكثر من عاصمة عربية بهذه المناسبة ..ففي مصر على سبيل المثال تنظم مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني وعلى مدى خمسة أيام بدأت يوم أمس السبت احتفالات بالتراث الأدبي الذي خلفة الكاتب الكبير للإنسانية جمعاء وأعماله المسرحية التي لازالت خالدة حتى اليوم، وتشمل احتفالات مكتبة الإسكندرية عدة عروض من أفلام ومسرح ومعارض وحفلات موسيقية بالإضافة إلى محاضرات يلقيها عدد من كبار الأكاديميين والباحثين المهتمين بأعمال شكسبير. ولعلنا نشير بهذه المناسبة إلى أن العلاقة بين شكسبير ومصر تمتد لسنوات طويلة؛ فقد تم تقديم أول عرض مسرحي لواحدة من أهم أعماله (هنري الخامس) في الثلاثينيات من القرن الماضي كما قدمت مسرحية حلم ليلة صيف عام 1975م في الأهرامات ..ولعلنا نشير هنا إلى أن كلية الآداب بالجامعة المصرية كانت قد احتفلت في عام 1916م أي قبل مائة عام من الآن بمرور 300 عام على وفاة شكسبير، وكانت مناسبة عظيمة للتعبير عن تقدير المصريين لهذا الكاتب الكبير كما يقول الأستاذ رمسيس عوض في كتابه التوثيقي الهام (شكسبير في مصر) الذي صدر في عام 1992م عن دار الهلال ضمن سلسلتها الشهرية (كتاب الهلال)، والذي استعرض فيه التأثير البالغ لأدب شكسبير على الأدب العربي بشكل عام المصري بشكل خاص والحركة المسرحية التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة والعروض المسرحية لعدد من أعمال شكسبير المترجمة والممصرة التي تم عرضها… . خلال العقود الأولى من القرن العشرين من عام 1900 وحتى عام 1930م وينقل عن جريدة (المحروسة) عدد مايو 1916م فعاليات تلك الاحتفالات التي شهدتها الجامعة المصرية بمناسبة الذكرى الـ300 لوفاة شكسبير، والتي بدأت بكلمة وكيل وزارة المعارف إسماعيل حسنين باشا عضو مجلس إدارة الجامعة وأعقبها كلمة الأستاذ برسي هوايت..أستاذ الأدب الإنجليزي بالجامعة الذي تحدث عن عظمة شكسبير ورمزيته الإنسانية، وألقى الاستاذ ميكيمان أستاذ الأدب الفرنسي كلمة عن أثر أدب الشاعر الإنجليزي في الأدب الفرنسي، ثم تحدث الكاتب والصحفي توفيق دياب ..وهو من الخطباء المرموقين في مصر عن شخصية شكسبير وتأثيره في الأدب العربي وقام بتمثيل مقطع من مسرحية (يوليوس قيصر). .والحقيقة التي لاجدال فيها أن شكسبير سيظل بلامنازع من أعظم الأدباء وكتاب المسرح والشعراء في العالم ولاتزال أعماله تحظى بشعبية واسعة بين جمهور القراء والمشاهدين، وستظل أعماله عرضة للدراسات التي لاتنتهي في كل لغات العالم؛ حيث يُعاد تحليلها وتفسيرها باستمرار من خلال العروض المسرحية في سياقات ثقافية وفكرية متعددة. ولعلنا نشير كذلك إلى أن اللجنة التي تكونت بمناسبة الاحتفال بمرور 300 عام على وفاة شكسبير طلبت من عدد من الشعراء في العالم كتابة قصائد بهذه المناسبة لنشرها في مجلد واحد، وقد عهد لشاعر النيل الكبير حافظ إبراهيم مهمة تمثيل شعراء الوطن العربي. فأنشد قصيدته التي مطلعها: يحييك من أرض الكنانة شاعر شغوف بقول العبقريين مغرم ويطربه في يوم ذكراك أن مشت إليك ملوك القول العرب والعجم. وقد أثارت هذه القصيدة جدلًا كبيرًا بين أنصار حافظ وشوقي الذين رأوا أنه كان الأحق بإنشاد قصيدة من شعره في هذه المناسبة، كما كتب أستاذ الجيل الكبير أحمد لطفي السيد مقالًا أشاد فيه بشاعرية شكسبير ووصفه بشاعر الإنسانية. ويشير الدكتور رمسيس عوض في كتابه (شكسبير في مصر) إلى أن الاهتمام بأدب شكسبير ومسرحياته وجد اهتمامًا واسعًا في مصر حيث تم تمصير معظم مسرحياته، ومن أهمها:” الملك لير، وهاملت، وروميو وجوليت، وتاجر البندقية، ويوليوس قيصر) وغيرها من المسرحيات … وقد اهتمت الدائرة الثقافية بالجامعة العربية في يوم من الأيام بترجمة أعمال شكسبير وتصدر للمهمة الكاتب..والمثقف الفلسطيني الكبير جبرا إبراهيم جبرا التي تُعد ترجماته للشعر الإنجليزي من أجمل وأرقى الترجمات ..
عبدالعزيز التميمي
أسفت أن أقرأ تمجيداً لشكسبير في صحيفة مكة المكرمة! لكن نلتمس لأخينا عبد العزيز العذر، فلعله لا يعرف حقيقته!
وهاكم المقال التالي للتنبيه على حقظ شكسبير على الإسلام ونبي الرحمة:
التنصير في مسرحيات شكسبير ( 1564 – 1616 م )
مهند الخليل
6 / 7 / 1430 هـ
ليس في الأدب الإنجليزي اسمٌ يضارع اسم الكاتب المسرحي وليم شكسبير في شهرته وذيوع مسرحياته،وبتأثير الاستعمار البريطاني ثم الهيمنة الأمريكية-ولغتهما واحدة-انتقلت شهرة شكسبير من دائرة الإنجليزية إلى رحابة العالمية.
أما في عالمنا العربي-كنموذج للحالة الإسلامية العامة-فندع الحديث عنها لمؤلف كتاب (فكر التنصير في مسرحيات شكسبير) وهو الدكتور عدنان محمد عبد العزيز وزان أستاذ الأدب الإنجليزي المقارن بجامعة أم القرى بمكة المكرمة،وقد نشرتْ الكتاب دار إشبيليا للنشر والتوزيع ،لكن الطبعة تخلو من التأريخ ورقم الطبعة.
وعلى مدى311 صفحة من القطع العادي،يقدم المؤلف الأدلة الناصعة على صدق دعواه،التي لا ريب ستفاجئ كثيراً من القراء،الذين لم يكونوا ليتصوروا أن أدب شكسبير يتبنى التنصير بعمق،في حين رسمت الشهرة وانبهار الأدباء والمثقفين صورة للرجل تجعله في مخيلة الناس في منأى عن مجرد التأثر ببيئته النصرانية.
في المقدمة يحكي الدكتور الوزان قصة علاقته بشكسبير بدءاً من قصيدة له كانت مقررة في المرحلة الثانوية وقد شرحها المدرس مشفوعة بإعجاب كبير به،ثم تطورت الصلة من خلال دراسة الأدب الإنجليزي-تخصص المؤلف-من دون أن يسمع من أساتذته سوى الثناء المطلق على شكسبير والتقدير غير المحدود لأعماله.ويورد الوزان شواهد عن انبهار كبار أدباء العربية المعاصرين مثل عباس محمود العقاد وأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم.
غير أن الصورة الحقيقية لشكسبير بدأت تتبين للدكتور الوزان مع إبحاره في الأدب الإنجليزي المقارن،وعنايته بالعلاقة بين الإسلام والغرب،وصورة الإسلام في الأدب الإنجليزي،إذ ثبت أن شكسبير يهزأ من الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.
وفي الكتاب الذي بين أيدينا للوزان،بعد مقدمته،ستة أبواب،يلقي أولها الضوء على افتتان العرب والمسلمين بشكسبير،والغلو في تقديره،غفلةً منهم عما ورد في إنتاجه من إساءات في حق الإسلام ورموزه وأهله.ثم يعرض في الباب الثاني لأبرز المكونات الفكرية التي أسهمت في تكوين شكسبير من موروث إغريقي وهيليني ونصراني يخصص له المؤلف ثالث أبواب الكتاب حيث يقدم نماذج من الفكر التنصيري في مسرحيات شكسبير المختلفة.
أما الباب الرابع فقد عقده الدكتور عدنان لتحديد معالم العلاقة بين الإسلام والنصرانية،انطلاقاً من التأثير الحاسم لهذه العلاقة في مجمل الفكر الغربي منذ العصور الوسطى وفي الأكثرية الساحقة من رجالاته ،الأمر الذي يتجلى بكثرة في صورة الإسلام المشوهة لدى هؤلاء،وهي صورة انعكست بسلبيتها المطلقة وانعدام موضوعيتها في النتاج الفكري والأدبي الغربيين على امتداد القرون،حتى بعد انحسار سيطرة الكنيسة على الحياة العامة في المجتمعات الغربية.
وفي الباب الخامس يورد المؤلف أمثلة كثيرة ومعبّرة من مسرح شكسبير،تؤكد تشبّع الرجل بالفكر التنصيري الذي يستعلي على كل ملة باستثناء النصرانية،والذي يتطاول على الإسلام والمسلمين.وحرصاً من الوزان على تقديم الصورة كاملة بخلفياتها وظِلالها،فيعطي القارئ جرعات مكثفة لكنها كافية،عن الأناجيل والاستشراق والتاريخ الوسيط ولا سيما فترة الحروب الصليبية،لأن تلك العناصر كانت وما زالت النواة الصلبة للتكوين الفكري الغربي حتى بعد ثورته على الكنيسة وتمرده على نصرانيته المحرّفة.والفصل السادس خاص بالنماذج الشكسبيرية التنصيرية،وهي معروضة بكثرة.
ولا يخفي المؤلف إفادته من بضعة كتب وبحوث ذات صلة بموضوعه،وجميعها منشورة أصلاً باللغة الإنكليزية،كما أنه يعترف بالفضل لعدد من العلماء والباحثين المسلمين،الذين اطلعوا على بحثه هذا قبل نشره،مشيداً بملاحظاتهم القيمة،محترِماً الآراء التي عارضتْ فكرة كتابه لسبب أو لآخر.
ومن أعاجيب شكسبير انتقاصه الصلف من النبي صلى الله عليه وسلم صورة مباشرة وغير مباشرة،وجهله المطبق بأهم مبادئ الإسلام فهو يتوهم أن المسلمين يعبدون محمداً عليه الصلاة والسلام!!!
أما إعجاب شكسبير بملوك الفرنجة الدمويين من قادة الحروب الصليبية فملموس في مواضع متعددة من مسرحياته،وإن كان يخص ريتشارد قلب الأسد بالنصيب الأكبر من تقديره!!