في هذا المقال نقلت للقارئ الكريم مقتطفات، مختارة من آراء وأقوال علماء ومفكرين عرب عن العولمة، على مختلف مضامينها السياسية والاقتصادية والفكرية والعقدية، يقول الدكتورمحمود الصاوي الأستاذ بجامعة الأزهر:” العولمة يبدو من تطبيقاتها تقوم على اجتياح الثقافات الأخرى ومحوها محوًا كاملًا، إلى جانب السيطرة الاقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية”. والعولمة بالصيغة الأمريكية التي يحاولون فرضها على العالم لاتُمثل تحديًّا بقدر ماتُمثل غزوًا، فهي مشروع يتسلح بواقع الهيمنة على السياسة والاقتصاد من جهة وبالقدرة غير المسبوقة، وبالقدرة على توجيه الإعلام من جهة أخرى. ويضيف الصاوي إن الإسلام يتعارض مع العولمة؛ لأن الإسلام دين عالمي والعالمية الإسلامية التي تُحيل العالم إلى قرية واحدة، يتمتع الإنسان فيها بحق الاختيار، ويسود فيها البر والقسط ويتفيا الإنسان فيها ظلال العدل والرحمة، هذه العالمية يجب ألا تلتبس في ذهننا بالعولمة التي يدعونها حملة المشروع الغربي، والتي تُحيل العالم إلى غابة عالمية واحدة يأكل القوي فيها الضعيف، ويزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا . بينما يقول الدكتور عباس زكي المفكر الإسلامي ووزير الاقتصاد المصري الأسبق، إن دول الغرب شاركت في خلق مؤسسات مختلفة تساعد على تحقيق سياسات منها البنك الدولي وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية (الجات) ونظم المعلومات والإنترنت ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والمشروبة (الكاكولا) والمأكولة (الهامبورجر) والملبوسة (الجينز) وغيرها والتبادل التجاري الذي هو في مصلحة الغرب، عن طريق استيراد المواد الخام بأقل الأسعار وتصدير السلع الصناعية للعالم الثالث بأغلى الأسعار. والعولمة ليس مشروعًا يخدم كل الشعوب، بقدر ماهي موجهة لفرض هيمنة القطب الواحد، على مقدرات الشعوب الأخرى، وأن مفهوم فرض الهينة قد تطور من مفهوم الغزو العسكري واحتلال الأراضي إلى الوسائل الاقتصادية والغزو الثقافي لسب ثروات الشعوب المستضعفة. ويقول الدكتور محمود الضبع أستاذ النقد بجامعة قناة السويس:”العولمة التي أحدثت التكنولوجيا على هذا النحو لايمكن أن يكون السيطرة عليها في إطارها، كما أنها تتدخل في كل شيء بدءًا من تدجين الحياة نفسها، وعملية الهندسة الوراثية، غدت تتحكم في كل حيوي، كذلك تمتلك المهارات الثلاث الساحرة القدرة على اختراق الزمان والمكان، وهي باختصار الدعوة لحرية الفكر مهما كانت أبعاده، فنية أو ثقافية أوعقدية، وماكان يتناسب مع وإن كان هذا الطرح أوقع الحداثة العربية في مأزق الصراع مع الدين والقيم الأخلاقية والموروث الفكري؛ مماأدى لأزمة عربية لم تصل إلى حل حتى وقتنا الراهن. والسؤال هنا هل سلبت العولمة قيمنا ومثلنا وقيمنا في بهرجتها وبريقها وأصبحنا في حضيرة المدجنين؟ وهل كانت مناعتنا بهذا الضعف أم نحن أمام داء عضال لا شفاء منه إلا الاستسلام؟!
سعود بن عايد الدبيسي