المقالات

مكة وفيها جبال النور..

ذات يوم أخبرتني صديقتي أن شقيقتها معلمة في مدرسة ابتدائية في مكة المكرمة، وكانت مرافقةً لطالبات المدرسة في رحلةٍ لزيارة مصنع كسوة الكعبة المشرفة في بادرة رائعة ومميزة من المدرسة، أرادت المعلمة أن تضفي جوًا من المرح للصغيرات وطلبت منهم أنشودة عن مكة المكرمة، كررت طلبها، وظلت تردد من لديها نشيدًا عن مكة أو الحرم أو الكعبة، دون إجابة من أحد ؟!..
حقيقة تعجبت كثيرًا ورحت أسأل نفسي هل لدي نشيد عن مكة ؟ نشيد عن الحرم ؟ عن الكعبة ؟! دون أي إجابة مني أيضًا..
أمسكت بجوالي ورحت أبحث عن نشيد، إذ لا يعقل أن تكون هذه الرموز الدينية ليس لها أهزوجة تراثية تتردد على لسان أطفالنا، وجدت نشيد:
” وديلي سلامي يارايح للحرم
وادعيلي وسلم لي على هادي الأمم ”
وهو نشيدٌ ملئٌ بالشوق والحب لمكة والحرم، تغنى به الكثير من المنشدين العرب وعُرض على الكثير من قنوات الأطفال العربية ولم أجد منشدًا سعوديًّا واحدًا بينهم !!
استمريت في بحثي بتفاؤل لأجد نشيدًا للمتألق اليمني عبد القادر قوزع:
” في أطهر أرض قلبي
قد طاف ولبى الله
ونسيت متاعب دربي
في مكة إي والله”
شعرت بطاقة إيجابية بعد سماعي له ووضعته في المفضلة لأسمعه دائمًا..
أتذكرون تلك الأهزوجة العربية خطرت في بالي فجأةً وهي تتردد دائمًا على لسان كبيرنا وصغيرنا
” ياطيبة ياطيبة يادوا العيانا
اشتقنالك والهوى نادانا”
برغم جمال عباراتها وسلاسة لحنها وأثرها العميق في القلب إلا أنها حوربت كثيرًا؛ حتى وصلت بزعمهم لدرجة التحريم لأنها من التراث الصوفي على حد قولهم !!
كنت مصممة على أن أجد نشيدًا أو حتى كلمات يتغنى فيها شخص سعودي عن جمال وقدسية الحرم وبعد بحث مضنٍ وجدت
” يارايحين الحرم ادعو لقلبي يطيب
الفجر أذن وانا صاحي ودمعي سكيب ”
لأقضي ليلتي بعدها متنقلة بين أغاني المزمار والسامري.
أخيــــرًا حمدت الله أني وجدت موالًا حجازيًّا كتب أبياته الأستاذ الشاعر علي أبو العلا، وتغنى به جسيس مكة محمد أمان -رحمه الله-

” يامكة الخير بي شوق يتيمني
إلى حماكِ ويستهوي هواكِ دمي
فمن ثراكِ نما جسمي ومقدرتي
ورحمة الله جاءت بي من العدم”

وبرغم روعة الكلمات وجمال الصوت إلا أنه لايستهوي ذائقة الأطفال.
تمكنت بعد عناء من إيجاد نشيد سعودي للأطفال عن مكة

” يامكي يامكي عيونك سلام
على الكعبة خذنا وباب السلام
يامحلاها مكة .. يامحلا الحمام”

وهي من كلمات الأستاذ عجلان ثابت، وأنشدها الرائع أنس الأهدل قبل ست سنوات لبرنامج مكي للأطفال، وأرجو أن تصلهم أحرفي هذه ليشدو لنا بصوته الحجازي رائعةً عن الحرم .
قد تكون هناك العديد من الأناشيد أيضًا، لكن لم يعشقها الأطفال مثل (البندورة – جدتي)وغيرها من الأناشيد التي يتغني بها أطفالنا هذه الأيام.
نعيش في أرض الحرم، وكل هذا الشرف والقداسة التي تفيض حولنا (غار ثور – الصفا والمروة – مقام إبراهيم – الركن اليماني ـ الحجر الأسود ـ ماء زمزم) إلا أننا لم نستشعرها، والعالم بأسره من حولنا يتغنى بمكة وجمال مكة، صدقًا لاأعلم لماذا، مما جعلني أتساءل هل ياترى تقوم المناهج الجديدة بتعزيز وتعظيم وحب هذه المقدسات ؟؟
لاينقصنا الكتاب ولا الشعراء، ولا تنقصنا الأصوات فأطفالنا هم من المبدعين وشبابنا أيضًا يشاركون في مسابقات لأفضل الأصوات العربية بحناجرهم الذهبية .
كلي رجاء أن يكون هناك اهتمامنا أكبر والتفاتة تثري هذا الجانب، وشكراً.
بلسم الحازمي

‫8 تعليقات

  1. مقال رائع …
    وارجوا ان يكون تنبيه وصحوه لشعرائنا للتغني بجمال مكه وروعتها
    فكما ذكرتي مكه بها الكثير من الجَمال الذي لو تغنى به الشعراء لابدعوا

  2. جميل جدا
    قلم متميز يا بلسم
    ونريد بالفعل التفاته وتسخير الأصوات الجميلة ليشدو عن مكة

  3. فعلا .. مقام مكة عظيم في نفوس المسلمين ونحتاج تعزيز هذا الشعور في اجيالنا القادمة والأطفال وبشكل عام نحتاج لنرتقي بهم فيما يخص الاهازيج والاناشيد بالمعنى اولا وبتركيب الجمل وبلاغة تناسب بساطة قدراتهم اللغوية

  4. مقالة أكثر من رائعة
    أبدعتِ ولامستِ مشاعر أهل البلد المعظم
    أضم صوتي لصوتك عزيزتي بلسم ✋??

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى