أيام ويهِلُ علينا شهر رمضان المبارك، شهر الصيام والقيام والتنافس في الخيرات. ذلك الشهر الذي كان سيدنا رسول الله ﷺ يجود فيه حتى إنه ﷺ ليكون “أجود بالخير من الريح المرسلة “.
في هذا الشهر المعظم، يتنافس الناس على تفطير الصائمين رغبة في الأجر الموعود على لسان الصادق المصدوق ﷺ “من فطر صائمًا كان له مثل أجره”، لذا تجد المساجد عامرة بسُفَر الإفطار ناهيك عن سُفَر الإفطار في الحرمين الشريفين. وكل ذلك محمود أسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء . لكن، ألا يمكن زيادة تنظيم وتقنين هذه الصدقات؟ من المشاهد في الحرمين الشريفين خصوصًا وغالب مساجد المملكة أن يفيض الطعام يوميًّا في وجبات الإفطار فيُرمي منه ما يُرمى ويجمع منه من يجمع بغرض البيع أو حتى الاستفادة الشخصية، وفي هذا من التبذير وسوء التقدير ما الله به عليم. في حين أنك تجد أسرًا متعففة على حاجتها قد تجاور ذات المسجد أحيانًا ولا عِلم لأحد بحالها. وفي مكتنا حماها الله تعالى أسر فقيرة متعففة تفوق أعدادها الحصر ولا تبعد عن المسجد الحرام إلا دقائق ومع ذلك لا يجد أهلها ما يَطعَمونه مع ما يرونه من فوائض الأطعمة في محيط المسجد الحرام . من الأفكار العملية الراقية، أن يتم التعاقد مع أحد سكان الأحياء الفقيرة ليقوم بطبخ وجبات الإفطار بما يتناسب مع عادات أهل الحي فيكون المرء بذلك قد أغنى عائلة ونال أجر الإطعام للمستحقين مع ما لا يخفى من كون مكة عمرها الله تعالى كلها حرم وأن أجر المضاعفة فيها لمئة ألف لا يختص بالحرم الحرام فقط. أمرٌ آخر ملاحظ، أن غالب أهل بلادنا المباركة يُخرجون زكواتهم في شهر رمضان المعظم فتجد المال متدفقًا لا يكاد محتاج إلا وقد رزقه الله شيئًا منه. ثم إذا انقضى رمضان، قلت الصدقات وانعدمت أو كادت الزكوات ويبقى المحتاجون منتظرين لرمضان حتى يعود الخير ويعم البذل. ألا ينبغي أن يتفاوت الناس في أوقات إخراج زكواتهم حتى لا ينقطع الخير عن طلابه طوال العام ؟ ختامًا .. ياأهل الفضل، تفقدوا قراباتكم وجيرانكم وجودوا عليهم بما يعينهم في دينهم ودنياهم .
يا أهل الفضل، أقيموا السُفَر الجماعية في الأحياء الفقيرة ولا تحصروا الخير في الحرمين الشريفين والمساجد. تحروا المحتاجين حقا، المتعففين الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف . بلغني الله وإياكم شهر رمضان، ووفقنا فيه للصيام والقيام والبذل وتلاوة القرآن.
صادق رضا السنوسي