لُجة الأيقونات
منطق الطير: “أيمكن التعبير عن أشياء على هذه الدرجة من الاختلاف بكيفية لها تلك الدرجة من الوحدة؟”- أمبرتو إيكو.
ثمة انزعاج ظاهر من توالد المجموعات “الواتسابية” وتكاثرها، يصل بعضها إلى حد التطابق في طرح الموضوعات وتبادل الصور والمنشورات وبذات الأعضاء تقريبًا!!، إذْ تجاوزنا “أهداف المجموعة”، إذْ تبدو كثيرًا من المجموعات بلا رؤية ولا أهداف!!!، ولا اختلاف بين تلك المجموعات إلاّ في المؤسس والمشرفين على هذه الصالونات الاجتماعية والثقافية والأدبية الناشئة، ما يطرح سؤالاً جوهريًا ومبررًا عن مدى الفائدة المرجوة من ذلك التكرار، ومخرجات التنافس حول قيادة جمهرة الأعضاء.
لا شك ابتداءً أن جزءً من ذلك الانزعاج يرجع إلى بنية العقل العربي، والتي تحمل في طياتها تناقضًا رهيبًا، فهي بنيةٌ جبلت على الفردانية والوحدانية، تأبى التعدد والاختلاف، وتعتبر أي مبادرة مشابهة ومنافسة محاولةً للتشويش والتخريب، ومؤامرةً وإسفينًا يدق في نعش وحدة الصف والكلمة!!؛ ولكنها في المقابل بنيةٌ لم تتعود على العمل الجماعي والمشاركة، والاختلاف ضمن الإطار المشترك، والتموقع الفاعل والايجابي في التجمعات المختلفة –واقعية كانت أم افتراضية–.
إن المسألة لا ريب تتجاوز فضاءات التواصل والتفاعل الاجتماعي، إذْ تعكس أزمةً ثقافية وفكرية متأصلة، وترسبات بنيوية حادة، وخللاً تربوي بدءً من البيت ومرورًا إلى المدرسة، وفراغًا واضحًا في البنيات والتنظيمات الجماعية-المجتمعية، مرده بالأساس الاضطراب الهُوياتي –تعمق ذلك الاضطراب مع انفتاح الفضاءات وانسيابيتها-وضبابية مفهوم الجماعة، وغياب آليات العمل المشترك، وسوء تقدير قيمة الانتماء، إذْ غلبة الولاء للأشخاص على حساب الولاء للقيم والأفكار.
بالنسبة لي لا ضير من تعدد المجموعات في تطبيق (الواتس-آب)، أو غير ذلك من البرامج والتطبيقات، والذي قد ينعكس في واقع التعامل الاجتماعي والثقافي والأدبي الواقعي، على أن تتضح الرؤية وتتحدد الأهداف، وتتكرس قيم التسامح في تقبل الرأي المختلف، وتبتعد عن الشخصنة لتنتصر للفكرة، وتتجاوز الأيدلوجية لصالح الإنسانية، وحبذا لو نحت نحو التخصص والتنوع والتكامل، وقبل كل ذلك اعتبار ذلك التعدد من باب السعة والإثراء، لا الشقاق والعداء.
خبر الهدهد: الشيخ “غوغل” –رمضان تقانة–
عبد الحق هقي