(مكة) – تقرير : رمضان العوامي
لاتزال ضغوطات وتحذيرات دولية مستمرة ضد نظام الملالي بشأن تدخلاته في دول المنطقة وتزداد يوما بعد آخر، وتتبين ذلك من خلال تصريحات ادلى بها مسؤولو النظام في وسائل الإعلام وردود أفعالهم تجاه هذه الضغوطات. وفي ما يلي نماذج من ردود أفعال هذه:
موقف الخارجية الامريكية:
في سؤال حول تدخل النظام الإيراني في العراق أكد المتحدث باسم الخارجية الامريكية قائلا: «أنا أتصور في بعض الأحيان ينسى أنه بلد مستقل. ونحن لا نريد مشاهدة ان يتدخل فيه أحد حتى أقرب جيرانه حيث انهم يؤججون نار الفوضى الطائفية أكثر فأكثر مما أدى ذلك إلى أن يجعل الظروف في العراق أكثر صعوبة…» (موقع الخارجية الامريكية- 31 مايو).
تحذير وزير الخارجية السعودي:
أكد معالي وزير الخارجية عادل الجبير في ختام المؤتمر الإستشاري لدول مجلس التعاون الخليجي قائلا: « إستمرار الوجود الإيراني في العراق أمر غير مقبول فعلى هذا النظام أن يحترم مبادئ حسن الجوار. وأكد الجبير على انه لا يمكن أن تكون لدينا علاقات طبيعية مع دولة هدفها تدميرنا». (موقع الجزيرة نت- 31 مايو)
تصريحات الملا حسن روحاني:
روحاني: « جمهورية إيران الإسلامية هي التي لبت نداء مظلومية شعوب المنطقة في ذلك اليوم الذي تعرضت فيه بغداد ودمشق لخطر السقوط أمام المجماميع الإرهابية كداعش وجبهة النصرة و أمثالها». (تلفزيون النظام- 31 مايو)
السؤال المطروح هو انه ما جوهر توجيه هذه الهجمات على النظام؟ وهل يتجه ذلك نحو التقليص أم التشديد؟
وردا على هذا السؤال يجب القول ان هذه الضغوطات نوعان: الأول يتعلق بديمومة العقوبات السابقة أو أحاديث حول فرض عقوبات جديدة سواء ما تدخل حيز التنفيذ مباشرة من أمثال العقوبات المفروضة من قبل الخزانة الامريكية على النظام أو اصدار قرارات أو مشاريع قوانين يتم دراستها في الكونغرس الامريكي وسيرها نحو التصويت عليها وحسم أمرها وكل ذلك تعتبر ضغوطات ملموسة ومحددة قائمة. والثاني هو تلك التي لم تدخل حيز التنفيذ مباشرة بل هي تحذيرية من أمثال أحدث نموذج لها أي تحذير الخارجية الامريكية على لسان المتحدث باسمها في رفضه لتدخلات النظام الايراني في العراق كونها تحدث في اطار احداث فوضى قومية وطائفية.
كما هناك تحذير مماثل ولكن بلهجة أكثر شدة من قبل وزير الخارجية السعودي حيث وجهه إلى النظام في ختام مؤتمر دول التعاون الخليجي في جدة داعيا النظام الإيراني الى كف يده عن العراق وشدد على انه لا يمكن أن تكون هناك علاقات مادامت هذه التدخلات التي تهدف إلى تدمير دول أخرى قائمة.
ان فحوى كافة العقوبات الفعالة والتحذيرات ليست الا ان على النظام الإيراني ان يكف عن التدخلات الإرهابية وإثارة الحروب في المنطقة وإلا لا يتبلور أي إنفتاح أمام هذا النظام.
وبالتأكيد هناك ردود أفعال من قبل النظام الإيراني تجاه هذه التحذيرات عادة بانه لن يخضع لتلك الضغوطات ولكنه هناك حالات تؤكد سعيه لتبرير إجراءات الولايات المتحدة ويقول ان هذه الإجراءات لم تكن نكثا للأتفاقيات وعلى سبيل المثال للإتفاق النووي فإذن يطرح هذا السؤال بانه ما سبب هذا التناقض؟
في الحقيقة هناك تناقض واضحة المعالم لان اولا هناك تناقض بين تصريحات أدلى بها زمرة المهمومين من جهة و زمرة روحاني- رفسنجاني من جهة أخرى حيث يضع المهمومون مشروعية الإتفاق النووي دائما تحت علامة الإستفهام ويقولون ان السبب الرئيسي لديمومة الضغوطات الدولية هذه خاصة تلك المفروضة من قبل امريكا هو الإتفاق النووي. ولكن في المقابل وبالضد من تصريحات المهمومين أكدت عناصر زمرة رفسنجاني أكثر من مرة انه لا صلة بين الضغوطات الخارجية على النظام والإتفاق النووي بل هي جاءت بسبب أعمالنا نحن أنفسنا في المنطقة. وعلى سبيل المثال حسب ما كتبت صحيفة «مردم سالاري» في الأول من يونيو/ نقلا عن رفسنجاني قوله: «هناك أناس داخل البلد يحملون رؤية غوغائية حيث تختل رؤيتهم السياسة الخارجية وكذلك تعرقل فرص الإستثمار الأجنبي في إيران».
في الحقيقة انه يعتبر تناقضا بارزا في النظام والسبب واضح جدا وهو ان هناك خلافات حول الإتفاق النووي منذ البداية الا ان الأمر المدهش هو هناك تناقض داخل الزمرتين ايضا وعلى سبيل المثال يمكن مشاهدة هذا التناقض خلال هذه الأيام في أقوال رفسنجاني من جهة و ما يقوله روحاني من جهة أخرى حيث يقول رفسنجاني: «أيادينا متورطة في العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان واليمن بسبب مصالحنا هناك ولا نجوز ان نترك هذه المصالح بسهولة كما الإستمرار في ذلك صعب جدا. لذلك لدينا مشكلة في المنطقة وعلينا ان نحلها برؤية حكيمة». (موقع آفتاب الحكومي- 30 مايو 2016) وذلك في الوقت الذي كان روحاني قد قال خلال كلمته في مدينة مهاباد انه لو لم تكن تدخلاتنا العسكرية في سوريا والعراق لكانت بغداد ودمشق قد سقطتا لحد الآن.
ومن الطبيعي ان يتم طرح سؤال بانه في نهاية المطاف أي من ردود الأفعال يجب أن نصدقه؟ ذلك الذي يوجد فيه مؤشر من التراجع على الصعيد الإقليمي أم أقوال من أمثال ما يدلي بها روحاني في مدينة مهاباد أم احاديث أطلقها الحرسي شمخاني وهو من مسؤولي هذا النظام وسكرتير مجلس الأمن للنظام.
وللإجابة على هذا السؤال يكفي ان يتم إلقاء نظرة عابرة الى الظروف التي يعيش فيها النظام أي ظروف ترسمها وسائل الإعلام التابعة له وحتى تلك المحسوبة على زمرة روحاني بمفردات من أمثال «مستنقع الإتفاق النووي» و«مأزق الإتفاق النووي» و«برزخ الإتفاق النووي» و«رشاشة الإتفاق النووي».
وهذه هي العبارات التي تدل على ان النظام غارق حتى الـرأس في دوامة الأزمة التي وصفها خامنئي في أول يوم للسنة الايرانية الجديدة بانه هناك مفترقان أمامنا اما الإستسلام والموافقة على فرض الضغوطات على النظام. ولكن إلى متى يتمكن النظام من تحمل هذه الضغوطات حتى يصل إلى مرحلة الإستسلام والذهاب نحو طريق تجرع كؤوس سم لاحقة؟ ان هذا الأمر يعود إلى مرور الزمن الا ان هناك مؤشرات واضحة جدا مثل تلك الأقوال التي أدلى بها رفسنجاني بتاريخ 30 مايو الماضي حيث يقول بوضوح اننا متخبطون في قضايا المنطقة وعلينا الخروج من هذه الحالة برؤية حصيفة أي ذات المنهج المماثل بالإتفاق النووي.