لُجة الأيقونات
منطق الطير: “ليس الفن مرآة للحقيقة، بل مطرقة يمكن بها تشكيل الحقيقة” – برتولت بريشت
****
لا شك أن شبكات التواصل ووسائط الاتصال وفضاءاتهما قد أتاحت للمشاهد التلفزيوني فرصًا كبيرة لتداول الأعمال التلفزيونية خصوصًا الفنية منها ومن ثمَّ التفاعل معها وتقييمها، هذا التقييم الذي تجاوز ملامسة النقد الانطباعي باعتباره الانعكاس الفوري والارتجالي للأثر النفسي على عواطف ومزاج المتلقي، ليلامس أجزاءً لا بأس بها من جوانب العمل الفني الموضوعية والشكلانية، المقاصدية والسياقية، الباطنية والخارجية…، لينتقل بذلك من مشاهد مراقب ومنتقد، إلى متفاعل ناقد.
صحيح أن هذا النقد رغم ما يُمكن أن يقال عنه يبقى نقدًا ارتجاليًا انطباعيًا في صور كثيرة ولأسباب عديدة، ليس هذا المقال يهدف إلى استجلائها، ومع ذلك فإن هذه الملاحظات والاستشهادات “الشعبوية” كما يتهكم البعض، على ضعف كثير منها من حيث المعايير النقدية قد تحدث فارقًا في الصناعة التلفزيونية إن أُحسن الإصغاء إليها، لا كونها تعبر عما يريده المشاهد فحسب، وإنما لأنها تنبع من متلقي مُتشبع بسحر “الميديا”، متمرن -ولو على سبيل الهواية- على فنيات التصوير والتقاط اللحظة.
لقد أسهمت عديد برامج الفيديو وتطبيقات التسجيل المرئي على الهواتف والأجهزة الذكية وما تتيحه من خصائص وأدوات من تغيير المفاهيم بخصوص الصناعة الصوتية المرئية، والتعامل مع الكاميرا، وساهمت الفضاءات التفاعلية وما توفره من احتكاك مع صناع ومتلقي الأعمال التلفزيونية في نمو حسه النقدي-الفني تجاه الصورة والصوت، ما ولد لدى المشاهد ثقة أكبر في إبداء رأيه بخصوص المسلسلات والأعمال الدرامية والكوميدية والبرامج التلفزيونية المختلفة والتي يعج بها شهر رمضان.
لكن وللأسف فإن ذلك التقدم في تلقي المشاهد لم يواكبه ذات التقدم لدى معظم صناع ومنتجي المواد التلفازية، إذْ لا يزال كثيرٌ منهم يتعامل مع المشاهد وكأنه ساذج، متوهمين أن ذلك المشاهد ما هو إلاّ مستهلك جاهلٌ لأسرار الصناعة، فترى التساهل يمتد من الاستغباء الموضوعاتي من حيث النص والأحداث والحبكة!!، إلى الاستغباء الشكلاني- الفني فترا كمًا مخجلاً من التجاوزات في التصوير والديكور والإضاءة والصوت، والأفدح من ذلك “رتم” (إيقاع) الأعمال البطيء في زمن موسوم بالسرعة!!.
خبر الهدهد: من الضيف؟!! –رمضان تقانة–
عبد الحق هقي