كلما قدم ملك أو رئيس دولة إلى مكة المكرمة، وقفت متذكرا شيخنا وأستاذنا جميل جلال مطوف الملوك والرؤساء، الذي لم يحفر اسمه بأذهان الآخرين كمطوف ملوك ورؤساء، لكنه رسخه في أذهان الكثيرين بتواضعه الحسن وكلماته اللطيفة مع الجميع، يوقر العلماء ويحترم الضعفاء، لم ينهر ضعيفا أو يبكى يتيما، هكذا عرفته منذ عقدين ونيف من الزمن. ورغم أن الشيخ جميل جلال اشتهر بتطويف الملوك والرؤساء لكنه ليس مطوفا منتميا لمهنة الطوافة المعروفة بمكة المكرمة والتي يتوارثها الأبناء عن الآباء، ويقال عن ممارسها بأنه ” مطوف عام “، فهو أي الشيخ جميل جلال يصنف كـ ” مطوف خاص بالوفد الرسمية “. وهو شخصية استهوى العلم والتعلم منذ بداياته فكان من المترددين على حلقات الدروس بالمسجد الحرام تلميذا بالكثير منها، وكان من أساتذته الذين تلقى العلم على أيديهم في حلقات الحرم المكي الشريف السيد علوي مالكي ، والسيد محمد أمين كتبي، والشيخ محمد العربي التباني وغيرهم. وأدت مثابرته للعلم والتعليم إلى تأهيله لتولي مسؤولية عظيمة وكبرى، فأصبح مكلفا للقيام بتطويف ضيوف الدولة من ملوك ورؤساء، ونال بهذا العمل شرفا كبيرا، دينيا ودنيويا، فدينيا نال الشيخ جميل جلال شرف إسلام عدد على يديه من أبرزهم الرئيس الجابوني عمر بونجو الذي لقنه الشهادتين عندما أعلن إسلامه، وكان أول من طاف به في الكعبة المشرفة، كما أسلم على يديه محمد علي كلاي ونطق بالشهادتين.
ومن خلال قراءة لسيرة الشيخ جميل جلال كمطوف للوفود الرسمية، نجد أن بداياته كانت في عام 1367 هـ وعمره آنذاك لا يتجاوز الخامسة عشر ، حينما كلف بتطويف الملك طلال ملك الأردن والد الملك حسين وجد الملك عبدالله الثاني ملك الأردن الحالي. وخلاصة القول فإن الحديث عن الشيخ / جميل جلال مطوف الملوك والرؤساء لا يمكن حصرها بكلمات قلائل ولا جمل محددة، فهو لم يكن بالملقن الذي ينطق بالدعاء أثناء الطواف والسعي، لكنه ملم بمناسك الحج والعمرة، يحمل ذخيرة من المعلومات التاريخية عن الحرم المكي الشريف وآثاره، وقد لعبت دراسته بالمدرسة الصولتية التي أمضى بها قرابة الثلاث سنوات دورا في تنمية قدراته وفتح آفاق علمه، فحفظ ألفية ابن مالك، وكان من خريجي الدفعة الأولى بالمعهد العلمي السعودي. وإن كان الشيخ / جميل جلال عرف كمطوف للملوك والرؤساء، فقد عرف كمؤذن بالحرم المكي الشريف حينما تقدم بطلبه لشيخ المؤذنين يعقوب شاكر ـ يرحمه الله ـ الذي أعجب بجمال صوته وقوة أدائه، ومارس العمل كمؤذن بالحرم المكي الشريف فترة من الزمن.
أحمد صالح حلبي