كثيرة هي القنوات الفضائية التي يحويها ذلك الجهاز الصغير في معظم بيوتنا، بعد أن كنّا في الزمن الجميل نتابع أخبار العالم عبر المذياع الراديو ذي الصندوق الخشبي، وما لبث أن تطور عالمنا بدخول التقنيات الحديثة وتعدد الفضائيات بما تحويه من غث وثمين، ولا نختلف في أنها أرهقت مسامعنا وأشغلت جل أوقاتنا ليلها ونهارها، حتى أصبحنا وأمسينا نتابع أخبار العالم صوتاً وصورة حين حدوثها، مما جعلنا نعيش التوتر والأحزان التي ساهمت في إنتشار أمراض لم نكن نسمع بها، يوم كنا نعيش الهدوء العاطفي والراحة النفسية الناتجة عن الترابط الأسري، الذي نفتقده في هذه الأيام لإنشغالنا بوسائل التواصل التي زاد وهيج لهيبها، حتى تكاد تفتك ببعض العائلات صغيرها وكبيرها، والمتابع لتلك القنوات الفضائية يزداد إنبهاراً لما يُنفق على برامجها من الدولارات التي بلا شك تتجاوز الملايين، جلها نتاج دعايات وإستغلال فاحش لعزيزي المتصل الباحث عن وهم الأحلام والكنوز، وفي هذه الليالي المباركات تطالعنا إحدى القنوات التي كنت أحسبها عائلية ببرنامج يستغل شخصيات عربية وأجنبية، وبطريقة إستفزازية يسمونها بالبلدي (مسخرة)، تنتهك الحقوق ليضحك الآخرون، إذ يستضيف عبر حلقاته اليومية تلك الشخصيات ويدخلهم في دورة رعب وفزع، أشك في أنها مسرحية هزلية أو كوميدية تستند إلى الخراب والدمار، وكأنها تصور بعض العالم العربي من حولنا، الذي يكاد الحزن والتشرد يصبح ويمسي طابعه الذي يأبى مفارقته في خريف دموي، مع ما تبذله دول الحكمة والصلاح من جهود للم الشمل وزرع الألفة بين شعوبها، وبكل أسف يبقى الحال على ما هو عليه في هزلية تراجيدية صنعتها يد الغدر الطائفية، التي أرهقت إقتصاديات العالم العربي والإسلامي، بعد أن كان في أوج إزدهاره، وبالعودة لعنوان المقال ومن وجهة نظري المتواضعة، ليت تلك الملايين التي يساهم الإعلام في حرقها أن تصرف في أوجه الفلاح ودعم ضحايا تلك الحروب والدمار، وما يخلفه من تشرد لعائلات كانت تعيش رغد الحياة، لعلنا بذلك الإنفاق نجني الفائدة من إعلامنا، ونحميه من إنزلاقات يغوص في وحلها، وعبر صحيفة مكة الإلكترونية التي أكن لها إحتراماتي، اسأل أصحاب العقول الداعمة لذلك البرنامج عن البعد الثقافي الذي يهدف إليه، أم هو مجرد حشو وإبتذال لا طعم له أو لون، وماذا لو شاء القدر سبحانه وتحول الحدث جراء خلل أو عطل فني وأصبح حقيقة، نتاجها مزيد ضحايا ودمار، وكأن العالم ينقصه تلك المشاهد المؤلمة التي صارت حديث الساعة على صفحات الإعلام، لواقع حزين يعيشه العالم حولنا، ولا يخفى على الكثير إن لذلك البرنامج من يتابعه ولكن بعين الناقد لمقدمه ومنتجه وآخرين، اسأل الله سبحانه أن يحفظ إعلامنا وشبابنا من تلك الإنجرافات المذمومة عواقبها..
عبدالرزاق سعيد حسنين
لم تقبلوا اي دوله حتى يعمل هذا البرنامج خوفا من الملاحقة القانونيه عدا المغرب هذا إرهاب من نوع ثاني