إن واجهت الأنثى في مجتمع ذكوريّ حالات ابتزاز فإن الأمر لن يصبح مستغرباً والحديث عنه كذلك ليس بالجديد، ما دام ابتزازها يصدر من فئة تجهل الأخلاقيّات وتغذّت على مبدأ احتقار المرأة بوصفها -على حد زعمهم- كائناً ناقصاً يمكن استغلاله والعبث به دون وجود أنظمة صارمة تحدّ من سلوكيّات التحرّش أو الابتزاز بنصّ قانونيّ رادع.
إذن ما الذي يستحق أن نذكره عند حديثنا عن حالة ابتزاز؟، تساؤل جوهري يساعدنا في وضع اليد على مكان الجرح الدامي في حياة تلك الأنثى التي سأروي لكم حكايتها، والتي تعبّر عما واجهته بشعور يكسوه المرارة والحزن؛ لأن الجمال الذي حباها الله به كان نقمة عليها، وعائقاً أمام إنجازها لشؤونها، بل وسبباً في ابتزاز من تقع معاملتها بين يديه، وتواجه دوماً عبارة: اقبلي بي زوجاً لأنهي معاناتكِ وأضع نقطة أخيرة في سطرها!.
تقول: “شعرت لوهلة بأنني أطرق الأبواب لأبحث عن زوج يشفق عليّ وليس من أجل إن أراجع معاملتي وأظفر بمصادقة المسؤول عليها، وإن كنتُ قد خُلقت جميلة فذاك ليس ذنبي، ولا أظن بأنني مطالبة بالتكفير عنه، ينتابني إحساس أحياناً بأن النساء القبيحات هنّ القادرات على العيش بسلام بعيد عن أي حالة ابتزاز، لكن مشيئة الله قدّرت بأن أنتمي لجنس الجميلات، ولا اعتراض لقضائه وقدره”.
عندما تغيب الأمانة والرقابة الذاتيّة ينفلت كل شيء من عقاله، تعم الفوضى الأخلاقيّة وتُزرع هناك شجرة الخطيئة التي تسقيها الشهوة بمائها، وقد تُجبر أحيانا المرأة على الأكل من تلك الشجرة حتى وإن كانت كارهة لها، تتسلل إليها فكرة قبل أن تقضم الثمرة وتلّح عليها بأن الضرورة تبيح ما هو محظور، وأنتِ الآن تقاسين نوعاً من أنواع الضرورات.
هل هذه الفتاة التي تروي معاناتها هي الوحيدة؟ أمّا أن هناك أخريات فضّلن الصمت باعتباره ذهباً ما دام البوح في أحايين كثيرة هو الفضّة، ماذا لو فتحنّ الفتيات أفواههنّ وقلن ما لم تسمح لهنّ الظروف بقوله؟، ربما سيصفهنّ الكثيرون بأنهنّ بلا حياء وكأن الحياء مرادف للسكوت عن الظلم.
يقول أحدهم: لماذا لا تسكت المرأة عن قول الحق ما دامت في نظر البعض شيطان، والساكت عن الحق شيطان أخرس!.
ياسر صالح البهيجان
* ماجستير في النقد والنظرية