مــودة الـفــؤاد
تَدور دَورة العَام ، ويَقبل رمضَان حَاملاً لِي بَين أيَامة ذِكرى فِي القَلب ألمهَا مَرير ، تَعيش فِي نَفسي مُنذ ذَاك اليَوم الألِيم ، ففِي الشَهر المبَارك ليَلة السَابع والعشْرون مِنه لعَام 1424ه فَاضت رُوح جَنتي (أمِي ـ رحمها الله) إلَى بَارئها تَاركتني فِي سُبل الحيَاة وقَد أظلَمت بِرحيلها .
كُلنا رَاحلون حقِيقة لَا يجهَلها أحَد ، والكُل يَعرفها ولَا تُخفى عَليه ، وسُنة الحيَاة لَا بقَاء فِي هَذه الدُنيا الفَانية ، ولكنْ يَصعب عَلى النَفس أنْ تُواري بَين الثَرى جَسداً نَشأت فِي دَاخلة ، وكَانت بدَاخله رُوح أهتَمت بِي عنْدما أبصَرت الحيَاة طفْلاً رضِيعاً ، ومَازالت تَرعَاني حتَى آخر أنفَاسها .
أمِي … بَعد رَحيلك مَن يَدعُو لِي فِي عَتمة الليلْ ! ليُزيح بذَاك الدُعاء هَمي ، وغَمي ، ويُفرج كَربي ، ويُدخل السَعادة والسُرور لنَفسي .
أمِي … بَعد رحِيلك تَاهت خطوَتي فِي درُوب الدُنيا القَاسية .
أمِي … بَعد رحِيلك تعَثر حظِي فِي دنيَا ليسّ للحنَان والعَطف فِيها وطنْ .
أمِي … بَعد رحِيلك كُل شَي أصبَح بَلا طَعم .
أمِي … بَعد رحِيلك هَجرني الفَرح ، وصَارت أفْراح قَلبي أحزَان .
أمِي … بَعد رحِيلك أصبَح الفَرح كِذبة ، وحكَاية مَالها عنْوان .
يقال : مَا أرْوع النسيَان الذِي يُبعد غيُوم الحزَن فِي حيَاتنا بَعد رَحيل جَنة الدُنيا.
رحِيلك يَا أمِي لَا يُنسى مَا دام بَين الحنَايا قَلب يَنبض بحُبك ، ويَبكي عَلى فُراقك ، ويَفتقد وجُودك في كُل يَوم يَنقضي .
كَيف أنْسى حقِيقة رَحيلك يَا أمِي !
كَيف أنْسى ذَاك اليَوم الذِي تَوارى جسَدك فِيه تَحت الثَرى !
كَيف أنْسى أنّ بَاب مِن أبوَاب الجَنة قَد غُلق !
كَيف أنْسى رحِيلك يَا أمِي !! وصَوتك لمْ يُغادر مسْمعي ، وصُورتك لمْ تُفارق نَاظري .
كَيف أنسَاك يَا أمِي وقَد كُنت كُل شَيء فِي دُنيتي ، وبرَحيلك لمْ يَعد هنَاك صَدر يَحنو عَليّ بعَاطفته الجيَاشة أسْند عَليه رأسِي لأرتَاح فِي الحُزن والفَرح .
أمِي … عجِز قَلمي أنْ يَخط كلمَات ، وعبَارات فِي مضْمونها وَصف لحَقك العظِيم .
أمِي … مشتَاق إلَيكِ .
اللهُم أغفِر لهَا وأرحَمها وعَافها وأعفُو عنهَا ، وأكرِم نُزلها ، وأجعَل الفِردوس دَارها .
نبيه بن مراد العطرجي