عبدالرحمن الأحمدي

بؤساءُ في صباح العيد..!!

يَتحسَّسُهم يتلمَّسهم يطمئن عليهم في كل وقت ممكن وغير ممكن..!! لا يستطيع البعد عنهم أو حتى فقط مجرد تفكير..لايحتمل تعبَهم.. يزعجه مرضهم.. يكدره ألمهم.. يخشى أن يزعجهم بخوفه الدائم،ويثقل عليهم بحرصه الهائم.. أب ولكن بقلب أم حنون..!!الأوقات عنده يأمل أن تمضي عليهم بسلام متكامل؛ففي اعتقاده أن بعد السلام ألم مفتعل ومتقن، وقد يكون بعد السكون آلام محزنة مفزعة..!! أوهام متعمدة ﻷجل من عشق.. عشقه مكلف جداً..! رغبةملحة لغاية متعبة وسط تقلبات السنين وتغيرات الزمن ؛ لا يُلام ففي جوف صدره مكامن جميلة من الشفقة والرقة..وأحاسيس عجيبة من الحنان والعطف والرأفة والشفقة..اعتادوا المشهد وألفوا الواقع في مجمل الساعات وعموم الأيام .. عن رضى أحياناً، وعن فَرضِ أمر أحياناً، فالتسليم بالحاصل: واجب، والاقتناع: مستحب، ومابينها: جائز .!! فالمشاعر الأبوية عالية الصدق، عظيمة المقصد، سامية المعنى، تبرر الأشياء مرة وقد تجهل مرات..!! وهذا في مجمل الأمرشغف الوالدين في أبنائهم، فالحب مستمروالمحبة متواصلة من القلب إلى القلب، والغضب في كل مراحله غير حقيقي أبدا؛ يظهره المُحِب على عُجالة ويود أن لو لم يكن؛ فقلب المُحِب لا يرتضي أن يكون بين مداخله حقد وكراهية،وهذا المُحِب يعشق كلَّ جميل خُلق في هذا الكون،فكيف إذا كان الجمال في داخل نظره مقيم.. .؟

يالهذا الأب الحنون نسي في عظيم اهتمامه بهم نفسه .. حاجاته .. متطلباته .. ضرورياته الحياتية .. نسي أكثر من ذلك: فطموحاته مهملة .. وأمنياته معطلة .. وكأنَّ لسان حاله يقول بعد عبادته سأعيش من أجلكم أنتم أبنائي .. هنا حاجاتي ليس لها مبرر يدعوها للظهور؛ فكل آماله توقفت عند آمال من يهواهم ويعشقهم بجنون، قمة في التضحية ونبل في الغاية، وسمو في الإيثار، وتسير به الظروف والأوقات ما بين رعاية دائبة..وعناية فائقة .. وكل هذا يشعره: بالفرح والسعادة. وتأبى الأقدار بأمره والسنين والمشيئة بعلمه سبحانه إلا أن تمضي عليه كما مضت على الآخرين ؛ فاللموقف المؤلم موعد مع الأحداث الجميلة فيتوقف عندها العطاء.

ويحين المشهد الأخير المرتقب بحلول الداء الزائر ، فقد كان على تربُّص به منذ زمن قديم وحلوله في أحشائه بقدر معلوم، حتى تبدأ تقنع النفس وتثقل الأنفاس ويأتي موعد الرحيل المؤكَّد إلى عالَم آخر في أعماق الأرض ، في أطيب الأوقات وأجلها في آخر أيام العتق من النار، وإلى الكريم العظيم فما أرحمه.. فينشر الحزنُ في محيط المكان صُوَرهُ القاتمة .. وأجوائه المرهقة .. ولحظاته الثقيلة؛ فكل مصيبة تبدأ صغيرةً إلا الموت..!! ويحل البؤس بألوانه المخيفة .. وأشكاله المفزعة .. ويغرد الفرح بعيداً فليس له مكان في عيد البؤساء.
في ثنايا الحديث هناك كلمات ثمينة تكتب بمداد من أنفس الموجود في الحياة، ويقول كاتبها الراحل:(كنت أحس أن ارتباطي ببناتي ارتباطًا لا انفكاك فيه..وأنني لا أستطيع أن ابتعد عنهن ولا يبتعدن عني..ولكن غلبت سنة الله في خلقه) – على الطنطاوي يرحمه الله –

وهنا في نهاية مرسى حروفي.. وآخر جملي في مقالي عن ماهو واقع لبعضنا.. أطلب السماح إن كان هناك ما كدر خاطركم.. وكل عيد فطر مبارك.. وأنتم بأتم صحة وسلامة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى