المقالات

التطرف لغة الأقزام ؟!

ساد الوطن العربي في العقد الأخير من الألفية الثالثة بشكل لافت للنظر والدهشة والنقد نزعة التعصب التي بدت مثل شرارة صغيرة من خلال بعض القضايا الفرعية الصغيرة، مثل الحاجة إلى إثبات صحة رأي علي حساب رأي آخر، وتوالت نزعة التعصب في الرياضة بين الفرق المحلية والعربية سواء علي مستوى الأندية أو المنتخبات وحدث ما حدث من انفلات عام إعلامي ونفسي تجاه بعض من تلك القضايا التي تحول بعض منها إلى ساحة البرلمان مثل مباراة كرة القدم بين منتخب مصر والجزائر في السودان عام 2010 وتأهل الجزائر العربي الشقيق إلى مونديال كأس العالم في البرازيل؟ وما حدث في أعقابها من فوضى إعلامية وأخلاقية مازالت تؤلمنا جميعًا؛ لأن العقل كان غائبًا وسط كثير من أحداث تحتاج إلى رأي و وعي حقيقي في التصدي لما هو عبثي وليس المغالاة في التطرف حيال مبارة كرة قدم ! لا يهم فيها الفائز والمهزوم بل الأهم فيها التنافس والرغبة الصادقة في الانتماء للوطن العربي الكبير بوعي الرجال ! يقينًا اليوم يصبح التطرف سائدًا بلغة مزعجة ومرفوضة على المستوى الرسمي وغير الرسمي، لكن في البحث عن ظاهرة التطرف نجدها تحمل معاني ودلالات كثيرة ولعل ماحدث مؤخرًا في المملكة العربية السعودية من تفجيرات المدينة المنورة والقطيف وجدة له علاقة بالتطرف الفكري الذي ينم عن مشاعر مريضة تحتاج إلى إعادة نظر فيما يقدمه الإعلام من برامج تدعي التوك شو للشباب وغيرها من برامج عابثة بالعقل البشري، وما شاهدناه من سقوط ضحايا الكرادة في بغداد عاصمة العراق أيضًا منذ أيام ونتج عن هذا التطرف سقوط أكثر من 200 قتيل وحوالي 300 مصاب يؤكد أن التطرف هو معيار كل الجرائم التي ترتكب حولنا بلغة لم تكن سائدة من قبل في أوطاننا العربية؟.

التطرف مرفوض في الرياضة والسياسة وكل مؤسسات الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، علينا استعادة دور المدرسة والجامعة والمسجد وإيجاد الجيل الجديد من دعاة الدين يؤمنون حقيقة بالوطن والإنسان وليسوا مجرد أصحاب فتاوي ربما هي بنزين يحرقنا جميعا مثل فتاوي الدواعش ومن هم علي شاكلتهم في الاسفاف الدعوي الديني البغيض ! بل هي بالفعل ماسأة تجد صداها لدى الشباب الذين يتصورون أن الجنة شهادة بفعل فلسفة التفجيرات والقيام بأعمال إرهابية ليست من الدين في جوهرها من شئيء ! ولم تكن يوما ما رسالة دعاة نعتز بهم عبر الأزمنة والعقود السابقة والحالية مازالوا بيننا بمنطقهم الصالح في تبني قضايا وطن وتصحيح أفكار مغلوطة بين عصر وآخر، كما نري من دعاة الوسطية في المملكة العربية السعودية ومصر بلد الأزهر الشريف وانعكاس دورهم علي الشباب في تبني الأفكار الصالحة التي تعود علي الوطن بالفائدة لا العابثة ؟.

نحتاج إلي رؤية شاملة ومنهجية لتصحيح كثيرًا من تلك الأفكار الانهزامية والمتطرفة بيننا وبين شاب الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بمفهوم مختلف وقائم علي مد جسور عقلية لها دافع تنويري في رسالتها لكي يسقط الإرهاب ولا نرى أيضًا على صفحات الفيس بوك دعاوي التطرف والانهزامية كأنها لغة قوم عزيز ؟ مؤكد سيكون لتلك الآراء التصحيحية الانعكاس الإيجابي على وسائل الإعلام والفيس بوك والوسائط الرقمية ومدارسنا وجامعاتنا، وكل ما يتصل بالعقل وسيلة للبناء لا الهدم؟!.

 عبدالواحد محمد

كاتب وروائي عربي

‫2 تعليقات

  1. الف شكر استاذة هيام نور كل التقدير لشخصكم الكريم ونتشرف بكم اخت عزيزة ومثقفة عربية مستنيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى