اطلعت على مقال أستاذ صحافة عكاظ/ خالد السليمان ليوم الثلاثاء السابع من شوال لزاويته الجهات الخمسة في العدد 18217، بعنوان (الإعتذار للمستهلك)، الذي يسرد فيه قصته مع شركة تأجير السيارات بمطار إحدى الولايات الأمريكية، وما فاجأه من إحترام وتقدير، والتعويض الفوري عن تأخرهم في تسليمه السيارة المحددة سلفاً، بل وتعويضه بأخرى ذات الفئة الأرقى، والجميل في الواقعة أن يحدث ذلك دون سابق شكوى منه، على إعتبار أنه ومن وجهة نظري ولثقافته العربية الموروثة، يعتقد أن لا جدوى من الشكوى، ولم يخطر بباله أن العميل أو المستهلك في تلك الدول، يعي جيداً ما له من حقوق، وبالتالي ما عليه من حقوق تجاه السلعة أو التاجر أياً كان مستواه الإجتماعي، وما شدني للكتابة عن الموضوع نفسه، أن كنت برفقة العائلة في إحدى الدول الخليجية، وكعادة السائح السعودي حرصت على الإستئجار المسبق لسيارة من الفئة A، وبالطبع موديل العام الحالي، وبمجرد خروجي من صالة المطار، وجدت مندوب الشركة يستقبلني بحفاوة ويسلمني مفتاح السيارة دون تعطيل، وما لفت إنتباهي أن السيارة كانت من الفئة الأرقى درجة، وبثقافتي العربية خاطبته بلهجة الرفض لأي زيادة في الإيجار، بإعتبار أنني لم أطلب تلك الفئة العالية الثمن، فما كان من مندوب الشركة إلا أن يبادر بالإعتذار مبتسماً عن عدم تحقيق طلبي، بل و يبادلونني الإحترام بسيارة أرقى وبنفس قيمة إيجار الفئة الأقل، حرصاً منهم على رضا الزبون الذي يعتبرونه رأس مالهم الحالي والمستقبلي، ولم تنتهي المفاجأت هنا، إذ صادفتنا بعد يومين أمطار غزيرة لم تشهدها تلك الإمارة منذ سنوات، وفي تجوالنا المعتاد، صادفنا تجمع لمياه أمطار ندر أن تحدث في تلك الإمارة الخليجية، لحرصهم على تنفيذ مشاريع البنية التحتية لتصريف السيول من قبل شركات عالمية تحرص أيضاً على رضا العميل، وفي تلك الجولة ومن لطف الله تعالى أن تعطلت السيارة بالقرب من الفندق، وتم فعلاً الإتصال بشركة الإيجار وإبلاغهم بالحالة، وهنا بيت القصيد، إذ توقعت منهم ولما أحمله من الثقافة الموروثة لشركات التأمين، أن أسمع من عبارات التوبيخ وتحمل مسؤولية تعطيل السيارة الفارهة، بل ودراسة الحالة لتحديد مقدار ضررها والقيمة التقديرية للإصلاح، وتحديد موعد الكشف وحضور الفني المختص خلال خمسة عشر يوماً، ونسبة الضرر الذي سأتحمله، وغير ذلك من الإجراءات التي توقعتها، لما أحمله من ثقافة موروثة عن شركات التأمين، ومماطلاتها التي أصبحت وأمست مألوفة، رغم تنامي قيمة التأمين المتسارع في السنوات الأخيرة، ورغم أن الوقت متأخر من الليل، خاطبني على الهاتف مندوب شركة التأجير، وكأنني في حلم وردي اللون، بعبارات مجملها الإعتذار بإعتبار أن الساعة متأخرة، مردف القول بما أزاح عني تلك الأوهام والتوقعات المألوفة، بل الموروثة في ثقافتي المعلوماتية عن شركات التأمين، إذ بادر بالإعتذار عن العطل والوعد بإحضار سيارة أخرى، بدلا عن تلك التي تعطلت إلى مقر الفندق الذي أسكنه، مع بزوغ شمس اليوم التالي، ولا غرابة أن بعد كل ذلك التعامل الراقي، أن أزيد من الشعر بيتاً من الغزل، في حرص تلك الشركات على رضا الزبون أو العميل، إذ تم خصم جزء من قيمة الإيجار عن الساعات التي تعطلت فيها السيارة الفارهة، والسؤال الذي أتوجه به لشركات التأمين المعنية، إليست لوائح التأمين وإشتراطاتها دولية، ملزمة التنفيذ وبلا إعتبارات جيوغرافية، أم إن بعض تلك الشركات لا يزال يقلب في صفحات المطبوعات القديمة؟ وقد يكون لجهلنا بالثقافة الحقوقية المتعلقة بالتأمين دور تستفيد منه تلك الشركات، إذ تعودنا أن نمضي عقد التأمين دون أن نقرأ بنوده وما بين السطور، لفرحتنا بإستلام السيارة ولوحاتها، وهنا يأتي دورنا لنشر الثقافة المجتمعية العامة، والحث على القراءة بإعتبار أننا أمة إقرأ..
عبدالرزاق سعيد حسنين