كانت المدينة المنورة حاضرة يسكنها قبائل الأوس والخزرج قبل اﻹسلام، وقد سكنها اليهود من قبلهم، فتكوّنت منهم بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وقيل قد سكنها من قبلهما أيضًا العمالقة. ولكن لم يكن فيها ملك يرأسها على عادة العرب آنذاك أو سائس أو حاكم. وبعد أن منّ الله -عزوجل- على أهل الأرض باﻹسلام انضم إلى سكانها المهاجرين من قريش. وسكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم إليها مهاجرًا وبعد أن أخذ على أهلها من الأنصار مواثيق بالنصرة والمنعة والحماية. ففرح بهجرته وقدومه إليهم أهلها فرحًا لم يفرحوا بمثله منذ وجدوا على أرض المدينة الشريفة، ووهب الله -عزوجل- حكمها ودولتها لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فجعله صاحب الدار أساسًا، وجعل من فيها مجاورين له صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز متوعدًا المنافقين من الخزرج والأوس من أن يسلط عليهم رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فينفيهم عنها لو تمادوا فى تصرفاتهم وعدائهم، فقال ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا) الآية .
فحسد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك رأس المنافقين من الخزرج وهو : عبد الله بن أبي بن سلول الخزرجي الذى أسلم نفاقًا، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرًا، وعاداه باطنًا، وأخفى في نفسه الكفر، ولم يزل يحيك ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤامرات حتى مات لعنه الله. وصدرت منه تصرفات كثيرة تؤذيى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت له مواقف مخزية فى كثير من الأوقات تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت الآيات تلو اﻵيات بمؤامراته وفضحه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم صبر على أذاه وتحمل كيده. وكان مبعث حقده على رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن أهل المدينة كانوا قد استعدوا قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الشريفة لتتويجه ملكًا على المدينة، وكانوا قد صنعوا له تاجًا مرصعًا بالجواهر والذهب. وكان يستعد لوضع التاج على رأسه ليصبح ملكًا عليهم لولا قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أداروا عليه ظهورهم، والتفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وتناسوه، فرأي المنافق ابن أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فوّت عليه منصبًا كبيرًا، وجاهًا عظيمًا كان يترقبه، الذى كان منه قاب قوسين أو أدنى .
السيد ضياء بن محمد عطار
معلومات قيمة بارك الله فيك ودائما الحسد يودي بصاحبه الى مهاوي الكفر والاجرام .