تعددت هوايات السلاطين العثمانيين, حيث كان السلاطين يملكون مواهب عديدة منها على سبيل المثال، السلطان مراد الثالث كان شاعرًا وترك ديوانًا عجيبًا, إلى جانب اهتمامه بزخرفة الكتب, ومراد الرابع الذي اشتهر ولعه بالشعر والموسيقى وخطه الجميل, وكان السلطان محمد الرابع مشهورًا بحبه للصيد والرياضة, في حين كان سليم الثالث مؤلفًا موسيقيًّا. أمّا السلطان عبدالحميد الثاني بالنسبة لهواياته فهي متعدّدة؛ منها: المبارزة بالسيف، والسباحة، والتجديف بالقارب، وركوب الخيل، والصيّد، كما كان شَغوفًا بجمع الأسلحة النادرة، أمّا أبرز هواياته فكانت النجارة, يقول المؤرخ إيلبر أورتايلي:” لو لم يكن عبدالحميد سلطانًا لكوّن ثروة من حرفة النجارة” , ومن نماذج أعماله خزانات صنعها بيديه تستخدم اليوم لتخزين سجلات المحكمة في مكتب المدير الإقليمي للشؤون الدينية في إسطنبول, بعض الطاولات في قصر توبكابي, ومكتبة في جامعة إسطنبول, ومن ذلك فقد أهدى صهره الصدر الأعظم توفيق باشا خزانة رائعة من صنع يده. إلى جانب حبه للرسم عن تلك الهواية تذكر ابنته الأميرة عائشة، وكان أبي يعجب بصور الزهور والمناظر الطبيعية وقليلًا ما كان يرسم ” بوتريه”, وفي الأيام الأولى لزواجه من أمي قام برسم صورة لها بالقلم الرصاص وكانت محفوظة في غرفة المكتب. ولحبه للموسيقى فقد كان حريصًا على تعليم أبنائه على البيانو وجلب لهم معلمي الموسيقى الإيطاليين والفرنسيين منهم ألكسندر أفندي الفرنسي معلم الأميرة عائشة, حيث كان يُفضل الموسيقى الإفرنجية على الشرقية يقول عنها: ” الموسيقى الشرقية جميلة إلا أنها تشعرك بالحزن, والموسيقى الأفرنجية متغيرة وتشعرك بالسرور, ولا أحد يستمع للموسيقى الشرقية على البيانو, ويجب أن تعزف بالربابات الشرقية الخاصة بها” .
وأخيرًا فقد شكلت القراءة حيزًا كبيرًا من اهتماماته وهواياته , فكان يأمر بقراءة الكتب في غرفة النوم, حتى لم يكن له منافس في هذا المجال, ولحبه للقراءة فقد أمر بترجمة مجموعة من الروايات, وكان السلطان عبد الحميد مولعًا بالروايات البوليسية وأمر بترجمة لكثير من الروايات منها روايات آرثر كونان دويل وبطله: شارلوك هولمز, وقد خصص له عدد من قارئي الكتب منهم عصمت بك كبير مسؤولي الثياب وأخ السلطان من الرضاعة, منهم محمود أفندي, وعاصم بك كاتب الشفرة الخاص, وأمين بك جليس السلطان الذي كان يقرأ له الكتب التاريخية وترجم العديد من الكتب من الفرنسية على التركية, وعن هذه الهواية يقول السلطان : ” أن تسليتي الأساسية عبارة عن الاستماع للموسيقى والعمل في ورشة النجارة, ولكنني لا أشعر بالتعب منهما ولقد عشت حياة نشطة في شبابي والآن أعيش مريضًا, وقراءة كتاب خفيف يُسهل النوم فأصغي لنصفه وأنام دون سماع النصف الآخر, وأنا لا آمرهم بقراءة الكتب الجادة حتى لا يهرب النوم من عيني وأركز عقلي”.
نوير مبارك العميري
تعليق واحد