أخبار العالم

ناشط إيراني: هكذا تنفذ طهران أحكام الأعدام

(مكة) – متابعة

قال الناشط الإيراني والسجين السياسي السابق وعضو هيئة نقابة المعلمين، هاشم خواستار، في مقابلة هاتفية مع “العربية.نت”، من منزله بمدينة مشهد شمال غربي إيران، إن أحكام الإعدام في إيران تتم في محاكم صورية تشبه بـ “الغرف المظلمة”، وتفتقر إلى أدنى المعايير القانونية.

وأكد خواستار، الذي سجن 3 مرات متفاوتة بسبب نشاطاته السياسية والمدنية، أن أوضاع حقوق الإنسان متدهورة جداً، وطالب بالتفات المجتمع المدني لوقف الإعدمات والمجازر والانتهاكات اليومية ضد النشطاء وكافة شرائح المجتمع.

ودان خواستار تدخلات نظام بلاده في سوريا والعراق واليمن ودول المنطقة، وقال إنه “على العرب والمسلمين أن يعلموا أن الشعب الإيراني يريد أن يعيش معهم بسلام وصداقة ومحبة”.

وفي ما يلي نص المقابلة:

سؤال: السيد خواستار بصفتك ناشطاً وعضو نقابة المعلمين وقد تم اعتقالك عدة مرات بسبب نشاطاتك، كيف تقيّم أوضاع حقوق الإنسان في إيران؟

جواب: الوضع متدهور جداً، والحكومة في بلادنا لا تعير أية أهمية لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، لا يسمح النظام بإجراء انتخابات حرة للنقابة المعلمين ولا للمؤسسات غير الحكومية هنا في محافظة خراسان وغيرها من المحافظات، علماً أن هذه المؤسسات الثقافية تشكلت في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي قبل 13 عاماً من الآن. لا توجد أبسط أشكال الحريات في إيران والحكومة لا تمنح أياً من الحقوق الأساسية للمواطنين. قد يتم اعتقالك لمجرد نشاط ثقافي بسيط ويتم زجك في السجن، وإذا كنتم ترونني الآن طليقاً، فهذا لأنهم لا يريدون أن يخلقوا ضجة كما حدثت في اعتقالاتي المتكررة السابقة من قبل الاستخبارات، حيث إنهم توصلوا إلى نتيجة أن يطلقوا سراحي حتى لا يسبب لهم بقائي في السجن المتاعب في وسائل الإعلام والمحافل الدولية، وإلّا لو قرروا سجني ثانية، فلت يمنعهم من ذلك شيء.

سؤال: الإعدامات الجماعية الخيرة ضد 25 سجيناً من ناشطي السنة الأكراد تزامنت مع ذكرى تصفية 30 ألفا من السجناء السياسيين في عام 1988، برأيك لماذا عاد النظام لسياسة الإعدامات الجماعية؟

جواب: كل الدول الديكتاتورية في أنحاء العالم تستخدم القتل والاغتيال كوسيلة لبث الرعب والخوف، كي لا تقوم الشعوب بالنزول إلى الساحات للمطالبة بحقوقها، وتمارس هذه الحكومات الإرهاب لإسكات مواطنيها وهذا مبدأ ثابت لدى كل الأنظمة الديكتاتورية، وبلدنا ليس استثناء في هذا الأمر. التصفيات ضد السجناء السياسيين في عام 1988 كانت جريمة غير مسبوقة في 200 سنة ماضية من تاريخ إيران، حيث حدثت مجزرة فظيعة جعلت الناس يتساءلون، ما الذي حدث؟! وما هذا البلاء الذي ابتليت به بلادنا؟!

أنا أدين هذه الإعدامات الجماعية التي جرت ضد إخواننا من أهل السنة مهما كانت عقيدتهم، والكل يدين هذه الإعدامات التي جرت في محاكم صورية أشبة بالغرف المظلمة.

سؤال: يقول الناشطون ومنظمات حقوقية إن الاستخبارات لفقت التهم لهؤلاء النشطاء السنة، ما رأيكم بذلك؟

قلت في مرات عديدة إن السلطات في بلادنا لا تحترم أبسط حقوق الإنسان، وإن القوميات الإيرانية اضطهدوا بشكل كبير وخاصة الأخوة الأكراد، حتى إنه إذا ما حصلت نشاطات أو حدثت تحركات في المناطق الشيعية من إيران فتكون الأحكام القضائية ضد مرتكبيها خفيفة، بينما في مناطق السنة عند الأكراد مثلا، فتكون الأحكام ثقيلة من الإعدامات إلى أحكام السجن لسنوات طويلة.

أنا كنت مسجونا مع 12 من الدعاة السنة في سجن وكيل آباد، في مدينة مشهد، وكنت شاهداً على كيفية محاكمة هؤلاء بأحكام من سنتين حتى عشر سنوات سجن بتهم واهية، وعندما عاشرتهم واطلعت على قضاياهم علمت أنهم لم يرتكبوا أية جريمة لكي يعاقبوا عليها.

سؤال: لماذا باتت السلطات تركز في الإعدامات بشكل أكبر على نشطاء القوميات والأقليات الدينية؟

هناك علاقة مباشرة بين تصاعد الوعي لدى القوميات بالنسبة لحقوقهم وبين تزايد الإعدمات ضد نشطائهم، بمعنى أنه كل ما كانت القوميات الإيرانية أكثر وعياً قام النظام بالتضييق عليهم بشكل أكبر، كي لا تفلت الأمور من يده، ويوغل في هذا الضغط حتى الإعدامات والسجون. وهذه هي الحقيقة في إيران.

سؤال: إلى أي حد كان لنشاطكم وزملائكم تأثير في فضح الانتهاكات بحق السجناء وغيرهم؟

أنا أعتقد أننا بالدرجة الأولى يجب أن نعمل بواجبنا الأخلاقي. نحن لا نطالب أصدقاءنا أو كافة أفراد الشعب الإيراني بأن يخاطروا بحياتهم ولكن قلتها عدة مرات أنه إذا لم تكن هذه النشاطات لفضح هذه الممارسات والانتهاكات، لقام هذا النظام بسلخ جلودنا وحشوها بالتبن ووضعها في المدارس لكي نكون عبرة للآخرين. لكن حراك نشطاء حقوق الإنسان والناشطين السياسيين يجعل الحكومة تدفع ثمناً باهظاً مقابل قمعها، لذلك نحن نحاول أن لا نكون لقمة سائغة للحكومة.

لقد بذلت كل جهدي أن أدافع عن الذين ينشطون في سبيل الحرية والديمقراطية وارتقاء حقوق الإنسان في إيران حتى لا تتمكن الحكومة من ابتلاعهم بسهولة، حيث عندما يتم اعتقال ناشط نقوم بنشر أخباره في وسائل الإعلام لكي لا تتمكن الحكومة من الاستفراد بهم، كما حدث مع الدعاة السنة الذين كانوا معي في السجن، فإن الصمت وعدم نشر قضاياهم والتعتيم عليهم فتح يد الأمن للتنكيل بهم بعيداً عن مرأى ومسمع الرأي العام.

سؤال: كيف ترى مستقبل الاحتجاجات الشعبية ضد الفقر والبطالة والفساد من جهة، وعدم اكتراث هذا النظام بمشاكل شعبه والانهماك في تدخلاته بدول المنطقة، من جهة أخرى؟

جواب: لقد أصبح الحراك المدني للشعب الإيراني قوياً للغاية، على أن الشعب الإيراني ليس لديه أية عداوات أو حروب مع أي دولة أخرى، بل نريد أن نكون أصدقاء مع الشعوب المنطقة.. نحن ندين تدخلات حكامنا في سوريا ودعمها للنظام بشار الأسد، كما ندين تدخلاتهم في اليمن والعراق.

إن الحراك المدني في إيران أصبح قوياً اليوم، وسيبلغ مرحلة الديمقراطية.. نحن نريد أن نبني بلدنا ونريد أن تكون لدينا علاقات صداقة وأخوة مع دول الجوار.

سؤال: هل تكفي الإدانات الدولية لوقف الانتهاكات والإعدامات في إيران؟ ما هي رسالتك كناشط حقوقي إلى المجتمع الدولي؟

جواب: لا شك في أن إدانة هذه الإعدامات أمر جيد جدا، ولكنه لا يكفي. على العالم أن يساعد الشعب الإيراني، ونحن لا نريد أن نقول لهم ماذا يفعلون، لكن بنفس الوقت نريد للمجمتع الدولي أن يختار الطريق الذي لا يلحق الضرر بالشعب الإيراني. هذا الشعب أصبح على درجة كبيرة من الوعي السياسي ويعرف طريقه ولم تعد حيل الحكام تنطلي عليه. بات يرفض كل هذه الإعدامات والسجون. على سبيل المثال، لقد استقبلت الجماهير استقبالاً مهيباً عوائل اثنين من المعلمين المسجونين بتهم سياسية رغم أننا امتنعنا عن نشر الأخبار خشية مضايفتهم من قبل قوى الأمن، لكن هذه الخطوة الشجاعة من قبل الناس لاقت ترحيباً واسعاً في الداخل والخارج.

إن الشعب الإيراني سيختار طرقا توصله إلى الحرية والديمقراطية بأقل التكاليف. نحن نطالب العالم أن يدعموا مطالب هذا الشعب وبالطرق التي يرونها مناسبة دون إلحاق الضرر بهذا الشعب، وهذا بالتأكيد سيكون لصالح الاستقرار في المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى