المراطلة: مفاعلة من الجذر (ر ط ل)، وقال فيه المعجميون:
الرَّطْلُ (بفتح الراء على الأرجح عند الزبيدي وصاحب القاموس): ما يُكالُ به.
ويُكْسَرُ، فيقال: رِطْـل. (الكَسْرُ عن ابنِ السِّكِّيتِ وهو الأَفْصَحُ وفي شُروحِ الفَصِيحِ وقال صاحب المِصْباحِ المنير: الكَسْرُ أَعْرَفُ وأَشْهَرُ فلا عِبْرَةَ بِظاهِرِ كَلامِ المُصَنِّفِ في تَرْجِيحِ الفَتْحِ)، قال ابنُ أَحْمَرَ (بكسر الراء):
لها رِطْلٌ تَكِيلُ الزَّيْتَ فيه *** وفَلاَّحٌ يَسُوقُ بها حِمارَا
وأَنشد ابن بري لعمران بن حَطَّان: مُوَثَّق الخَلْق لا رَطْل ولا سَغِل.
وأَنشد لآخر: ولا أُقيم للغلام الرَّطْل. وأَنشد لآخر: غُلَيِّم رَطْل وشيخ دامر…
وقالَ اللَّيْثُ: الرَّطْلُ: مَقْدارُ نِصْفُ مَنٍّ، وتُكْسَرُ الرَّاءُ فيه وفي الصِّحاحِ: الرَّطْلُ والرِّطْلُ نِصفُ مَنَـا (المَنَـا يختلف عن المنّ وكلاهما مكيالان) وفي الأَساسِ: والصَّاعُ ثَمانِيَةُ أَرْطالٍ والمُدُّ رِطْلانِ. والرِّطْلُ بالفَتْحِ والكَسْرِ: الغُلامُ الْقَضِيفُ(1) (بالضاد) (1) وقيل: هو المُراهِقُ لِلاحْتِلام أو الذي لم تَشْتَدَّ عِظَامُهُ ولم تَسْتَحْكِمْ قُوَّتُهُ، وما أعرفه أنه النحيف عموما.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: الرَّطْلُ اثْنَتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً بأَواقِي العَرَبَ والأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَماً فذلك أربعمائةٍ وثمانون دِرْهَماً.
والتَّرْطِيلُ: تَلْيِينُ الشَّعَرِ بالدُّهْنِ وتَكْسِيرُه وقال ابنُ الأَنْبارِي: إِرْخاؤُهُ وإِرْسَالُهُ وهو قَوْلُ ابنِ الأَعْرابِيِّ أيضاً قال: وهو مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهم: رَجُلٌ رَطْلٌ إذا كانَ مُسْتَرْخِياً وفي التَّهْذِيبِ: ومِمَّا يُخْطِئُ فيهِ العَامّةُ قولُهم: رَطَّلْتُ شَعْرِي إذا رَجَّلْته وأَمَّا التَّرْطيلُ فهو أَنْ يُلَيِّنَ شَعْرَهُ بالدُّهْنِ والمَسْحِ حتى يَلِينَ ويَبْرُقَ (أي يصير لمّـاعاً).
والعامّة في بلادنا يقولون ذلك أيضا ً:
رطَّــلَـه ، ورطَّـل بطنه وظهره وخصيتيه، أي ليَّـنـهما بالتدليك، وهو كما ترى استعمال لغوي فصيح وسليم.
وقال الزبيدي في التاج:
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: رَطَلَ الشَّيْءَ بِيَدِهِ رَازَهُ لِيَعْرِفَ وَزْنَهُ يَرْطُلُه رَطْلاً. وقالَ ابنُ فارِسٍ في هذا التَّرْكِيبِ: ليس هذا وما أَشْبَهَهُ من مَحْضِ اللُّغَةِ. وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ (أي على صاحب القاموس): رَجُلٌ رَطْلٌ: لا غَناءَ عندَه. وهو أيضاً: المُسْتَرْخِي الأُذُنَيْنِ. ورَطَلَهُ رَطْلاً: وَزَنَهُ. وبَاعَ مُرَاطَلَةً(2).
بيع المراطلة:
عرّفه المالكية: بأنه بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة وزنا، وهو نوع من الصرف عند غيرهم(3).
وعدَّ ابن الحاجب المراطلة نوعــاً من أنواع البيوع عند السادة المالكية فقال في سفره المشهور (جامع الأمّهـات: 2/343 – وهو متوفى سنة 646 هـ ):
المراطلةُ بيعُ العين بمثلهِ، فإنْ كانا سواء أو أحدهما أجود جاز اتفاقا ً. وإن كان أحدهما بعضه أجود وبعضه مساويا ً جاز خلافا لسحنون (من أئمة الفقه المالكي) والوزن بصنجةٍ جائز وقيل في كفّتين(4).
وجاء في المعجم الوسيط كلامٌ يُسمع ويحفظ ، في (ر ط ل):
معنى رَطَلَ في المعجم الوسيط ـُ رَطْلاً: عدا. و ـ الشيءَ: رازَه بيدِه ليعرِفَ وزْنَه. (أرْطَلَ) فلانٌ: صار له ولدٌ رَِطْلٌ (رِطْلٌ ورَطْلٌ). وـ استرخى، أَو استرخت أذناه. (راطَلَهُ ): باعه مراطلة: بالرِّطل. ( رَطَّلَ ) الشَّعْر: ليَّنَه بالدّهن. وفي حديث الحسن: ( لو كُشِفَ الغِطاء لَشُغِلَ مُحْسِنٌ بإِحسانِهِ. ومُسِيءٌ بإِساءَتِه، عن تجديد ثوب أَو ترطيل شعر). وـ كسره وثَنَاه. وـ أرخاه وأرسله.(اسْتَرْطَلَهُ): طلب منه أَن يبيعه مراطلة.( الرَِّطْلُ / بكسر الراء وفتحها): معيار يُوزَنُ به أَو يُكال، يختلف باختلاف البلاد، وهو في مصر اثنتا عشرة أوقيّة، والأوقيّة اثنا عشر درهماً. قلنا: وهو في حوران وبادية الشام وفلسطين والأردن كيلوان ونص الكيلو،
أي الفان وخمسمئة جرام.
وهو الرِّخو الليِّن، أَو كلّ مائل إِلى اللِّين والرَّخاوة. وـ الكبير الضعيف. وـ الغلام النحيف المراهق. وـ الأحمق. ( ج ) أرطال. وهي رطلة. ( ج ) رطال.
ٍواختصر الفراهيدي في كتاب العين (رط ل /353):
الرطل مقدار نصف مَنّ (بفتح الراء وكسره للوزن)، ومن الرجال القضيف.
الخلاصــــــــة:
مادة (رط ل) وأخواتها كلها تدل على الضعف والسلبية والاسترخاء والحمق أيضا ً وهو نوع من الضعف العقلي، ولربما كان استخدام الرطل في الأوزان وافدا ً على عربيتنا، أقول( ربما) ولكن الجذر(رطل) عربي وله استخداماته اللغوية كما مـرَّ معنا من أشعار العرب، وهنا ليسمح لنا إمام العربية ابن فارس ( ت 395 هـ) رحمه الله، أن نختلف معه تماما، فلقد قال رحمه الله في المقاييس(ص/387):
أنَّ هذا ليس من محض العربية، ( أي الراء والطاء واللام).
وأعاد الكلام في (ر ط ع) و(رط م) و (ر ط ن) و(ر ط و)، وجاء بقاسم مشترك لهذه الجذور وهو الجِـمـــاع، رطعها ورطلها ورطمها ورطأها بمعنى عاشرها.
ونقول أنَّ القاسم المشترك للراء والطاء وما يثلثهما إنما هو اللين والاسترخاء والضعف، ولا يزال أهل البادية وهم أفصح العرب في أيامنا، إذ لم يختلطوا بملوِّثات المدنية وزخرفها وبعدها عن الفصاحة، يقولون عن الضعيف اللين من الرجال والعيدان (الأعواد): مرطط ، ومرطرط ، وجاء يترطرط: أي يتمايل في مشيته بلينٍ وتثنٍّ، وعن التليين ترييط، ويرطرط جسمه أي يليِّـنـه، والرطانة ضعف في اللغة وتمايل بالنطق، والرطم ضعف وارتباك، والرطب من الرطوبة، وهو ادخال عنصر الماء في المادة لتليينها فتصبح رخوة رطبة. والرطز الضعف، قاله ابن منظور والزبيدي، والرطس: الضرب بباطن الكف، رطسه فأضعفه. و(رط ط): معنى رطط في لسان العرب الرَّطِيطُ الحُمْقُ والرَّطِيطُ أَيضاً الأَحْمَقُ، فهو على هذا اسم وصفة ورجل رَطِيطٌ ورَطِيءٌ أَي أَحمقُ وأَرَطَّ القومُ حَمُقُوا. وهي بذلك سلبية وضعف فكري أو عقلي. ولعل الرطرطة جاءت من هنا. وممّا يقرب من هذا في الضّعف قولُهم للأحمق: رطِيٌّ، كما قال ابن فارس.
حاشية:
(1)- والقَضِيفُ ( بالضاد): الدَّقيق العظم القليل اللحم، والجمع قُضَفاء وقِضاف.
وقد قَضُفَ، بالضم: يَقْضُفُ قَضافة وقَضَفاً، فهو قَضِيف أَي نَحِيف.
وقد جاء القَضَفُ في الشعر؛ قال قيس بن الخَطِيم: بينَ شُكولِ النساء خِلْقَتُها قَصْد، فلا جَبْلة ولا قَضَفُ وجارية قَضِيفة إذا كانت مَمْشوقة، وجمعها قِضاف.
وبالصاد (قصف// قصيف): القَصِيف هَشيم الشجر.
والتَّقَصُّف: التكسُّر.
ويقال: قَصِف النبْتُ يَقْصَفُ قَصَفاً، فهو قَصِفٌ إذا طال حتى انحنى من طُوله؛ قال لبيد بن أبي ربيعة رضي الله عنه:
حتى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ *** قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم
أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إذا طال يقال له القَصِيفُ. وفي العباب الزاخر: كألوان الرحال (بالحاء) وشتان بين المعنيين!
(2)- قال ابن الأَعرابي: الرِّطْل ثنتا عشرة أُوقِيَّة بأَواقي العرب، والأُوقِيَّة أَربعون درهماً، فذلك أَربعمئة وثمانون درهماً، وجمعه أَرطال. الحربي: السُّنَّة في النكاح رِطْلٌ، وشَرَحه كما شرحه ابن الأَعرابي؛ قال أَبو منصور: السُّنَّة في النكاح ثنتا عشرة أُوقِيَّة ونَشٌّ، والنَّشُّ عشرون دِرهماً، فذلك خمسمائة دِرْهم؛ روي ذلك عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان صَداق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأَزواجه اثنتي عشرة أُوقِيَّة ونَشًّا؛ وورد في حديث عمر، رضي الله عنه: اثنتا عشرة أُوقِيَّة ولم يذكر النَّشَّ، والأُوقِيَّة مكيال أَيضاً. الليث: الرَّطْل مقدار مَنٍّ، وتكسر الراء فيه. الجوهري: الرِّطْل والرَّطْل نصف مَنا (ميم ونون مخففتان).
رَ: القياس والتقدير عند العرب، للشهيدة نسيبة محمد فتحي الحريري، بتحقيقنا،
ط/دار الفضيلة بالقاهرة سنة 2000 م.
(3)- [المنتقى شرح الموطأ للباجي 4/ 276، ومواهب الجليل 4/ 335، وشرح حدود ابن عرفة 1/ 341].
(4)- جامع الأمهات، تحقيق الخضري. ط2 /2000م – دار اليمامة في دمشق وبيروت.
د. محمد فتحي الحريري