المحلية

عبد الله آل الشيخ: حق الوالدين مقدم على حق الزوجة

(مكة) – الرياض

أوصى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي خير زاد وخير لباس.
وقال الدكتور آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض إن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وتعلقت القلوب بمن له فضل عليها مبيناً أن أعظم فضل على المسلم بعد فضل الله سبحانه وتعالى هو الوالدين فقد قرن الله حقهما بحقه وشكرهما بشكره.
وأوضح أن من نعم الله سبحانه وتعالى نعمة الخلق والإيجاد, ومن الوالدين بعد توفيق الله سبحانه وتعالى نعمة التربية, يقول ابن عباس رضي الله عنه (ثلاث آيات مقرونات بثلاث, ولا تقبل واحدة بغير قرينتها, وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فمن أطاع الله ولم يطع الرسول فلن يقبل منه, ويقول سبحانه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه, ويقول سبحانه أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه).
وأكد أن حق الوالدين مرتبط بحق الله سبحانه وتعالى ورضاهما رضا الله سبحانه وتعالى, مستشهداً بقول الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيء وبالوالدين إحسانا)، وقوله تعالى (وقضى ربك أن لا تعبد إلا إياه وبالوالدين إحسانا).
وبين الدكتور آل الشيخ أن حقوق الوالدين ليست مرتبطة بهذه الأمة وحسب بل مأمور بها الأمة السابقة، فقال تعالى عن بني إسرائيل (وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا).
وقال لقد امتدح الله أنبياءه عليهم الصلاة والسلام ببرهم لوالديهم فهاهو يحيى عليه السلام بر بوالديه حينما بلغا من السن ما بلغا, مبيناً أن بر الوالدين لا يكون إلا عند الكبر وعند الحاجة, قال تعالى (وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيا)، وكذلك عن عيسى عليه السلام فقد كان براً بوالدته كما قال تعالى (وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا) فهؤلاء أنبياء الله سبحانه وتعالى قد بروا بآبائهم وأمهاتهم.
وأوضح أن حق الوالدين مقدمٌ على حق الزوجة, وقال إن بعض الناس قد يحسن إلى زوجته ضاناً أنها مصدر سعادته ومصدر استقراره، ويغضب أمه ضاناً والعياذ بالله إنها سبب لشقائه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال (كان لي امرأة وكنت أحبها وكان عمر يبغضها فأمرني أن أطلقها فأبيت فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاخبره بالخبر فقال طلقها), وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال (دعوت أمي إلى الإسلام فأبت ثم دعوتها اليوم فسمعتني في رسول الله ما أكره فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له إني دعوت أمي إلى الإسلام فأبت ثم دعوتها فسمعتني فيك ما أكره, فادعوا الله لها, قال اللهم اهدي أم أبي هريرة, فانطلقت مستبشراً بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فأتيت البيت فإذا بالباب قد جوفي فلما سمعت نعلي اغتسلت ثم لبست درعها وأسرعت إلى حمارها ففتحت الباب فقالت يا أبى هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي من شدة الفرح, فأخبرته بذلك وقال الله استجاب دعوتك, فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا).

وتابع إمام وخطيب جامع الإمام تركي بن عبدالله إن حقوق الوالدين عظيمة وشأنهما كبير ولو فعل الإنسان ما فعل فلن يبلغ رضا الوالدين ولم يرد لهما جميلهما فمن حقوقهما عليك طاعتهما وتقديرهما واحترامهما والنفقة عليهما عند الاستطاعة وكذلك التلطف معهما في الأقوال، يقول سبحانه وتعالى (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما) وكذلك التواضع لهما وخفض الجناح قال تعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)، والدعاء لهما لقوله عز وجل (وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا).
وأشار إلى أن بر الوالدين سبب لطول العمر ولبسط الرزق, يقول صلى الله عليه وسلم (من أحب أن يوسع له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه) مشيراً إلى أن بر الوالدين من رضا الله سبحانه وتعالى, يقول صلى الله عليه وسلم (إن رضا الوالدين من رضا الرب وسخطه من سخطهما) مبينًا أن بر الوالدين يستمر حتى بعد وفاتهما, جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل بقي من بر والدي شيء أبرهما به بعد مماتهما, قال نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) فحق الوالدين أنه يمتد حتى بعد الوفاة فإن المسلم يجب أن يوفي عهد أباه فإذا عاهده بشي أو أوصاه بوصية فإنه ينفذ تلك الوصية, وكذلك يدعو لهما ويستمر بالدعاء لهما في الصلاة وأوقات الاستجابة وكذلك احترام صديقهما وإكرامه, فإن إكرامهما من إكرام الوالدين.
وقال الدكتور آل الشيخ إننا في زمن قد عظمت غربته واشتدت كربته فلم يحترم الأبناء دموع الآباء ولم تحترم البنات شفقة الأمهات إننا في زمن قد كثرت فيه العقوق وقل فيه البر وفي كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام ومواقع الاتصال عن رجل أقيم عليه الحد لأنه قتل أمه وعن رجل سجن أباه وأودعه دار المسنين, وإن هذا الأمر ليدمي القلب ويحزن المسلم أن يصل الناس إلى هذا الأمر, أما يظن هذا المخذول الذي قد نسى طفولته وضعفه وغره تعليمه وثقافته أن من العار أن يفاجئ الوالدين بالعقوق والنكران للجميل, فإنهما يا أيها المخذول يا من عق والديه عندما احتاجا إليك وضعف جسدهما واحتاجا إليك تنكرت لهما حين تحسن لغيرهما وتسئ إليهما, وأعلم أن من بر والديه بره أبنائه وأن من عق والديه عقه أبنائه وأن الجزاء من جنس العمل, وكما تدين تدان, وأن عقوق الوالدين قد يعجل الله فيها العقوبة في الدنيا إلى جانب ما يدخره يوم القيامة, يقول صلى الله عليه وسلم (ما من ذنب أحق أن يعجل الله فيه العقوبة بالدنيا إلى جانب ما يدخره يوم القيامة من البغي وقطيعة الرحم) فاحذروا عقوق الوالدين, كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث (ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه وشارب الخمر والمنان بعطائه).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى