المقالات

مسكوكات لزينة الحياة 3-3

همسات الخميس

 في الهمسات السابقة قلنا: إن اختيار اسم المولود يأتي عبر مسارين، المسار الأول ويخضع لتقليد السماوة، أما المسار الثاني فهو مسار الجذور الأولى، حيث يسك الأب اسما لمولوده دون النظر إلى السماوة، ومن بين قوائم الاختيار أسماء السطوة والشجاعة، مثل: سطام وسحّاب (بشدة على الحاء وتعني الذي يقود الجموع لقتال الأعداء) وعرّام (الذي يرغم أنوف الطغاة) ومداوس (الذي يعشق المنازلة) وغصّاب وغاصب وغيرها، ولكن القوائم الملفتة للنظر هي تلك القوائم التي تحفل بالأماكن وتحتفل بالأعراق. قد يرزق الرجل بولد أثناء تواجده في مكة المكرمة للحج أو لغيره، أو خلال سفره إليها أو خلال عودته منها فيسمي ولده مكي بن فلان تخليدا لمكان الولادة أو لزمانها إن كانت ولادة ابنه قد حدثت في قريته ولم يكن في مكة المكرمة الا الاب فقط، ولك أن تقيس ذلك على أماكن أخرى مثل: المدينة المنورة، والحجاز، وتهامة، ورُباع (في بلاد زهران) والخبت (في تهامة) وصعدة، وبلاد الشام، ومصر، والمغرب. وقد تكون ولادة الابن قد تمت في فترة ازدهار قبيلة من القبائل أو عرق من الأعراق، وللقبائل مد يتسع ويضيق حسب الظروف وللأعراق مثل ذلك، فيسمي ابنه عتيبي بن فلان لأن ولادته صادفت علو منزلة عتيبة آنذاك على سبيل المثال، وقد يحل أحد منسوبي القبائل والجماعات ضيفا على الأب وتصادف الولادة ذلك اليوم، فإن كان الضيف من بني كنانة مثلا سمى ابنه كناني بن فلان، فالتسمية تتم تبعا لمكان الولادة، أو احتفاء بقبيلة أو مكان ينتمي اليه صديق أثير، أو ضيف عزيز تصادف وجوده مع الولادة، أو شهرة لقبيلة أو لجماعة من الجماعات خلال فترة الولادة. إن قائمة الاختيارات المبنية على احترام أعراق الناس ومن ثم انتخابها في تسمية الأبناء ليدل على سمو النظرة الى الآخرين، لا فرق بين انسان وانسان، مهما كانت سلالته أو لونه ولا فرق بين الأماكن سواء كانت في مأهول من الأرض أو على أطراف مفازة من المفازات، خلْق الله كلهم سواء وأرض الله واحدة وهذا هو التسامح الذي يؤسس للتعددية العرقية، تعددية إيجابية تنشر السلام والمحبة على الأرض.

محمد بن ربيع الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى