من كرم الله اللا متناهي على المسلمين أن نجعل أيام السنة مقسمة بين مواسم الطاعة والعبادة التي تجدد الإيمان والتقرب إليه، فما يكاد ينتهي موسم حتى يبدأ آخر يحمل في طياته أنفاس إيمانية وروحانية خاصة. ومن هذه المواسم الحج لبيت الله الحرام الذي تكفر فيه الذنوب ويرتقي فيه بالمشاعر الإنسانية. وما أجمل أن يجتمع زوجان على طاعة الله في هذا الموسم الذي لم يفرضه الله على المسلمين إلا مرة واحدة في العمر يغفر كل منهم للآخر، يتسامح ويعفو ويصفح ويقرر أن يبدأ صفحة بيضاء ويطوي الصفحات القديمة بمرها وعلقمها.
نستطيع القول بأن لحج الزوجين مع بعضهما فؤائد جمة أهمها مايلي : – التربية الدينية : يعتبر الدين هو المحرك الرئيس لحياة المسلم و لبنة البناء في حياته كلها؛ لذا جعل نصفه الزواج لما يحفظ فيه الإنسان أخلاقه وقيمه فبمجرد أن يقل التدين لدى المرء المتزوج تقل معه مواثيق ارتباطه بربه وبالشريك معه؛ لذا الحج يزيد من أطر الحياة الزوجية ويقوي العوامل الإيمانية.
– التعاون المستمر : في الحج يكون كلًّا من الزوجين بجانب اهتمامه بقضاء فرضه مهتمًا بشكل كبير براحة شريكه، ويسعى لمساعدته بشتى السبل فيخلق في النفس رضا وسعادة.
– البعد عن المنغصات: طوال العام والمنغصات النفسية والحياتية تتوالى على الزوجين، ولكن في الحج هروبًا من الدنيا إلى كنف الله فتكون الراحة النفسية التي يتجدد معها الحب والوئام.
– التجرد من المسؤولية: في الحج إقبال على العبادة وترك لكل مسؤولية أخرى سواء عملية أو اجتماعية؛ فتزيد العاطفة الدينية والمشاركة فيها بين الزوجين يرفع من منسوب العاطفة .
– فرصة للتأمل : في الحج تجرد من متع الحياة ومتابعها؛ فيخلق تصالحًا نفسيًّا يساعد في رفع مستوى الإيمان بالله ومشاركة الزوجين في لحظات التأمل التي هي أحد أسباب العلاج الطبيعي للطاقة الإنسانية المتجددة يجعلها يعودان بعده بمعنويات مرتفعة.
– الصحة الجسدية : إن مراحل التنقل بين المشاعر المقدسة أحد الأمور المساهمة التي تساعد في تنشيط الصحة لدى الشخص فالمشي المستمر والوقوف بعرفات والطواف والصلاة ويدي الزوجين ممسكة ببعضها تخلق طاقة كهربائية ونشاطًا ملحوظًا ينعكس على الأيام المقبلة لهما.
أحبتي : قال تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) هذه الآية الكريمة تحمل في طياتها نبراسًا للمسلم وبمجرد المشاركة فيها والتعاون على تحقيقها بين الزوجين؛ فإن أجرها وفضلها ينعكس عليهما بإذن الله مما يقوي أواصر المحبة والسعادة والبناء الأسري الذي يكون عمادًا في بناء المجتمع المسلم.
همسة : جميل استغلال مواسم العبادة للتقرب لله والتقرب العاطفي من أجل السعادة المشتركة بين الزوجين في الدنيا والآخرة.
بقلم : أ. عبدالرحمن القراش