المقالات

فكر وزارة التعليم المصرية عقيما

 مازال فكر وزارة التربية والتعليم المصرية كما هو لم يتغير؛ فلم نجد فكرا جديدا بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن، فالفكر هو الفكر والقيادات هى القيادات فى جميع المحافظات وإن تغيرت الشخصيات والأسماء، والتغير الوحيد الذى حدث هو تغيير وزراء التربية والتعليم لا تغيير النظام برمته، فروتين الوزارة وما تقوم به روتين عقيم متباطئ فى كل شيء، هذا فضلا عن أن نظرتها للأمورسطحية هى هى كما كانت فى العهد البائد، والدليل على ذلك المعلمين الحاملين لدرجات الماجستير والدكتوراه لم يأخذوا حقهم حتى الآن فى الترقى وانتفاع الوزارة بهم، وأقصى شيء فعلته الحكومات المتعاقبة أنها أعطت لحامل الماجستير مائة جنيه ولحامل الدكتوراه مائتى جنيه، وفى هذا استخفاف بالعقول فبدلا من الاستفادة بهذه الطاقات يرمى بهم عرض الحائط، ليجدوا في آخر الحائط، طريقا مسدودا وروتينا عقيما وفكرا متهالكا وجنيهات قليلة لا تسد الرمق، وأعلم أشخاصا حاملين لدرجة الدكتوراه في وزارة التعليم المصرية وما زالوا فى المدارس كما هم، وعندما قام أحدهم بالسعى تجاه الوزارة ليتم تسوية حالته وخدمة الوزارة فى مكان آخر يستحقه غير المدرسة وينتفع به الآخرون قيل له اتجه صوب وكيل وزارة الدقهلية فعنده الحل الأمثل لمشكلتك واتجه الباحث الدكتور الذى حصل على درجة الدكتوراه عام 2011 بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، من جامعة عين شمس إلى وكيل وزارة الدقهلية، ودار بينهما حديثا مطولا، قال له ماذا تريد ؟ قال أريد أن أخدم الوزارة فى أى مكان غير المدرسة، فهذا المكان لا يناسبنى الآن، فرد عليه وكيل الوزارة ردا عجيبا قال: أنا عندى مائتين من حملة الماجستير والدكتوراه غيرك، عموما ربنا يسهل، إن شاء الله سنستعين بك فى القريب العاجل، ولا حياة لمن تنادى بعد ذلك، فالدكتور كما هو فى مدرسته لم يتم الاستعانة به، رغم أن مدير مكتب الوزير هو الذى بعث هذا الدكتور لوكيل الوزارة، فوكلاء الوزارة يخافون على كراسيهم ويبعدون أى كفاءات تسبب لهم الأرق مستقبلا، هذا هو حال مصر يا أهل مصر، ويوجد كثير من الحالات مثل هذه الحالة ،المهم أن تكون للوزارة إستراتيجية واضحة المعالم تجاه هؤلاء الباحثين الذين بلا أدنى شك سيثمروا فى العملية التعليمية إن تم الاستعانة بهم بشكل حقيقى يحفظ لهم مكانتهم اللائقة بهم كأشخاص حاصلين على أعلى الدرجات العلمية فى مصر.

إننى أقترح على سيادة الوزير أن يكون لدى كل محافظة خاصة مديريات التربية والتعليم (فريق عمل) يضم كافة الكفاءات العلمية المختلفة والمتخصصة من حملة الماجستير والدكتوراه، هذا الفريق يعطى لوكيل وزارة التربية والتعليم تقريراً شهرياً بماهية التعليم، وما ينبغى أن يكون عليه، والسلبيات واﻹيجابيات كل فيما يخص محافظته، ويمكن اختيار فريق عمل للوزارة من كل هذه الفرق وذلك باختيار أفضل هذه العناصر خبرة وتقديراً وعلماً؛ وذلك لانتفاع الوزارة بعلمهم وإمكانياتهم، ويمكن الاستعانة بهم فى المناهج التعليمية والتدريسية، ووضع الاستراتيجيات المستقبلية للوزارة، وبالتالى يسهم هؤلاء فى رفع مستوى التعليم بصفة عامة، ويمكن وضع هؤلاء فى أماكن قياديه خاصة الشباب منهم، لكى يتم ضخ دماء جديدة للعملية التعليمية وإثرائها حتى يستشعر المصريون بتغيير حقيقى أفرزته ثورة 25 يناير، ولا داعى للروتين القديم الذى يقول ( القيادات بالدرجات والأقدمية)، مع العلم بأن درجتى الماجستير والدكتوراه لا تقارن بأى درجة حكومية.

يجب أن يتم تغيير المفاهيم تجاه هؤلاء، فهؤلاء لهم وزن بجدهم وعرقهم ومثابرتهم على العلم، نحن نريد رؤية متكاملة الأبعاد لآليات الوزارة المختلفة. إن تغيير القيادات الموجودة حالياً أمر ضرورى وحتمى حتى يحدث تغيير للفكر وتحديث للتعليم، فالكفاءات الشبابية موجودة، وهم طاقة كبرى إيجابية تعود بالنفع على العملية التعليمية، ولنبدأ بوكلاء الوزارة، فهؤلاء من يقودون العملية التعليمية، فيلزم أن يكونوا من الشباب الواعد حتى يتم إصلاح العملية التعليمية، وكذلك مديرى الإدارات التعليمية بالإضافة إلى مديرى المدارس الثانوية والإعدادية والابتدائية، فهذه الوظائف بالغة الأهمية فى إصلاح التعليم، فإن تم اختيارها بعناية من الشباب صلحت العملية التعليمية بمصر كلها، وعند الاختيار تكون الدرجات العلمية والخبرة هى الفيصل وليس الدرجات الحكومية الروتينية العقيمة (الأولى – الثانية – الثالثة).

إن وزارة التربية والتعليم هى المنارة التى تضيء مصر فى المرحلة المقبلة، فإن كانت زاهرة مضيئة ملأت الأرض المصرية بنورها وإشعاعها وضيائها، وإن كانت غير ذلك فلا يكون هناك أمل فى شيء بعد ذلك، لكن إن شاء الله تعالى ستكون مصر فى مصاف الدول المتقدمة والكبيرة، فالكبير يكون كبيراً فى كل شيء خاصة العلم والثقافة والتفوق البحثى والعسكرى، والأمم تقاس الآن بمدى علمها وثقافتها وحيازتها للعلوم المختلفة، فوزارة التربية والتعليم هى منارة مصر القادمة شرط وضع الأفكار القادمة البالية جانباً، وتنحيتها قدر المستطاع، وظهور وسطوع الأفكار الحديثة والمنهجية العلمية الحديثة فى الفكر والإبداع على أن يكون رواد هذا الفكر وهذه المنهجية حملة درجات الماجستير والدكتوراه المتميزين، ونحن فى انتظار من ينفذ هذه الاستراتيجيات فى مصر عسى أن يكون ذلك قريبا.

دكتور عبدالله الوزان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى