البَاذِنْـجَان بالذال أو البَادنْـجَان بالدال أو البَاتنْـجَان (والبيتنجان) بالتاء هو نبات حولي عشبي يتبع الفصيلة الباذنجانية واسمه العلميSolanum melongena سولانوم ملونجينا، وهو نوع من الخضراوات الموسمية، و يتميز بلونه البنفسجي الداكن أو الأسود. وبناء على لونه يسميه الدمشقيون بالأسود. وهناك باذنجان أخضر وأبيض وذو ألوان تتدرج بين ما ذكرنا.
وكلمة باذنجان أو بيتنجان ليست عربية، هي سريانية ، وسرقهــــا معجم الألفاظ الفارسية فقال هي لفظة فارسية، وما هي بالفارسية إطلاقا، وقولاً واحدا ً. وإنما جرت عادة المعجميين الفرس أن ينسبوا للفارسية كثيرا من الألفاظ، فحتى العربية العريقة المقيّدة معجميا لم تسلم من اختلاساتهم، إذ سرقوا كثيرا من مفرداتنا كي يضفوا على لغتهم نوعا من العراقة وما هي من العراقة بشيء.
وللبيتنجان في العربية أسماء جذورية معروفة:
ويكتب أيضا بدال مهملة؛ من السريانية حسب معجم (الألفاظ الفارسية المعربة تأليف: أدى شير، ص/ 15) واسمه ܦܵܐܬܸܠܓܵܢ فيُقال: بادنجــان.
وقال في المعجم: هو معرّب باذنكان الفارسية وتعني بيض الجانّ، ثم قال تعني مناقير الجن، وما أصاب في الحالتين أبدا (1).
«والأَنَبُ، مُحَرَّكَةً: من أسماء الباذنجان أيضــا ً.». والجذر الثلاثي (أ ن ب) في لسان العرب: أَنَّبَ الرَّجُلَ تَأْنِيباً عَنَّفَه ولامَه ووَبَّخَه وقيل بَكَّتَه والتَّأْنِيبُ أَشَدُّ مراتب العَذْلِ وهو التَّوْبِيخُ والتَّثْريبُ وفي حديث طَلْحةَ أَنه قال لَمَّا مات [ 2 ] خالِدُ بن الوَلِيد استَرْجَعَ عُمَرُ (رضي اللّه عنهم كلهم أجمعين) فقلت يا أَميرَ المُؤْمِنينَ،
أَلا أَراك بُعَيْدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي *** وفي حَياتيَ ما زَوَّدْتَنِي زادي
فقال عمر لا تُؤَنِّبْنِي…. التَّأْنِيبُ المُبالغة في التَّوْبِيخ والتَّعْنيف، وفي الجذر أيضا ً”الأَنابُ ضَربٌ مِن العِطْرِ يُضاهي المِسْكَ “وأَنشد:
تَعُـــلُّ بالعَنْبَــــرِ والأَنــــابِ *** كَرْماً تَدَلَّى مِنْ ذُرَى الأَعْنابِ
يَعني جارِيةً تَعُلُّ شَعَرها بالأَنابِ، والأَنَبُ الباذِنْجانُ واحدته أَنَبَةٌ (عن أَبي حنيفة) وأَصْبَحْتُ مُؤْتَنِباً إِذا لم تَشْتَهِ الطَّعامَ.
«والحَدَقُ الباذِنْجانُ، واحدتها حَدَقة، شبّه بحدَق المَها ذات اللون الأسود؛ قال:
تَلْقَى بها بَيْضَ القَطا الكُدارِي،*** توائماً كالحَدَقِ الصِّغـــارِ
ووجدنا بخط علي بن حمزة(3): الحذَقُ الباذنجان، بالذال المنقوطة، ولا أَعرفها.
قلت والصواب بالدال وليس بالذال، لأن ابن حمزة كان قريب عهدٍ بعدم التنقيط، وما أكثر التصحيف بين الدال والذال، وأضرابهما!
ونقل الأَزهري عن ابن الأَعرابي: يقال للباذنجان الحدق والمَغْـد، وقد ذكر الجوهري في هذا الفصل الحَنْدَقُوق، قال ابن بري: وصوابه أَن يذكر في ترجمة حندق لأَن النون أَصلية، ووزنه فَعْلَلُول.» . والحَدَقةُ السواد المستدير وسط العين وقيل هي في الظاهر سواد العين وفي الباطن خَرَزَتها الجوهري حدَقةُ العين سوادها الأَعظم والجمع حَدَقٌ وأَحداقٌ وحِداقٌ قال أبو ذؤيب:
فالعَيْنُ بَعْدهمُ كأَنَّ حِداقَهــا *** سُمِلَتْ بشوكٍ فهي عُورٌ تَدْمَعُ
قال حِداقَها أراد الحدَقةَ وما حولَها، وما نراه أن تسمية البيتنجان بالحدق مردّه السواد الجامع بين البيتنجان والحدق.
وبيَّنا وجه التسمية بالحدق، فما وجه التسمية بالمغْـد؟
مغد في لسان العرب: الإِمْغادُ إِرْضاعُ الفصيل وغيره وتقول المرأَة أَمْغَدْتُ هذا الصبيَّ فَمَغَدَني أَي رَضَعَني. ويقال: وجَدْتُ صَرَبَةً فَمَغَدْتُ جَوْفَها أَي مَصِصْتُه لأَنه قد يكون في جوف الصرَبَة شيء كأَنه الغِراءُ والدِّبْسُ والصرَبَةُ صَمْغُ الطلْحِ وتسمى الصربةُ مَغْداً، وكذلك صَمْغُ سِدْرِ البادية قال جزء بن الحرث:
وأَنْتُمْ كَمَغْدِ السدْرِ يُنْظَرُ نحوَه*** ولا يُجْتَنَــى إِلا بِفأْسٍ ومِحْجَـنِ
قال أَبو سعيد: المغْدُ صمغ يخرج من السِّدْرِ، قال: وهناك مَغْدٌ آخر يشبه الخيار يؤْكل وهو طيب (أظنُّه القثاء)، ومَغَدَ الفَصِيلُ أُمَّه يَمْغَدُها مَغْداً لَهَزَها ورَضَعَها وكذلك السخلة وهو يَمْغَدُ الضرْعَ مَغْداً أَي يتناوله.
قلت: فوجه التسمية للبيتنجان بالمغد إما لمذاقه، أو لشكله الشبيه بالضرع إذا مُغِد، أو شبَّهوه بالصمغ ينشأ من إبط بعض النباتات كما ينشأ الباذنجان من إبط نبتته.
«والحَيْصَلُ: الباذِنْجانُ.» قاله الفيروزآبادي، في القاموس المحيط. وما نراه هو وجه المشاكلة بين ثمرة الباذنجان والحوصلة.
«القَهْقَب: الباذنجان».
«الكَهْكَبُ، كجَعْفَرٍ: الباذِنْجانُ.» .
وجاء في اللسان:
القَهْقَبُّ أَو القَهْقَمُّ: الجمل الضَّخْم.
وقال الليث: القَهْقَبُ، بالتخفيف: الطويل الرَّغِـيبُ.
وقيل: القَهْقَبُ، مثالُ قَرْهَبٍ، الضَّخْمُ الـمُسِنُّ.
والقَهْقَبُّ الضَّخْمُ؛ مَثَّل به سيبويه، وفَسَّره السيرافي.
وقال ابن الأَعرابي: القَهْقَبُ البَاذِنْجَانُ. المحكم: القَهْقَبُ الصُّلْبُ الشديد.
قلت ووجه التسمية ضخامة الثمرة، وهي المسماة في الشام (بيض العجل، أي خصيته)، والله أعلم.
«الكَهْكَمُ والكَهْكَبُ الباذِنجانُ.» ابن منظور. لسان العرب. وقال الزبيدي هنا في تاج العروس:
الكَهْكب كَجَعْفَر : أَهمله الجَوْهَرِيُّ وقال ابْنُ الأَعْرابِيّ : هو الباذِنْجانُ مثل كَهْكَم فكأَنَّ الباءَ بدلٌ عن الميم وهو كثير . ولم يذكُرِ الباذِنجانَ في محلّه فهو مُؤاخَذٌ عليه . المُسِنُّ الكَبِيرُ، ولعل القهقب والكهكب واحد وإنما الفرق حسب لهجات العرب، وكذلك القرهم والقرهب وما شاكلها.
ومن أسمائه في العراق الحرّ، ولعل وجه التسمية لمشابهته طائر الحر الأسود الصغير الجميل. ولا أدري وجه تسمية كثير من الألفاظ عند العرب والفرس باسم ينتهي بـ(جان/ نجان/ جون) (4): بيتنجان، خولنجان، الأرجان……..الخ.
ووضع الشيعة للبيتنجان أحاديث مكذوبة عن فوائد بهلوانية له غير صحيحة، كقولهم: (الباذنجان لما أكِلَ له) وأنه يفيد من كل داء!
——————————————-
حاشية:
(1) – معجم الألفاظ الفارسية المعربة تأليف: أدى شير، ص/ 15– رئيس أساقفة سعرد الكلداني/ ط2 سنة 1987/1988 دار العرب للبستاني – بيروت.
(2) -النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/73 باب الهمزة مع النون.
(3) – أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الكسائي (119 هـ/737 م-189 هـ/805 م): مولى بني أسد من أصول فارسية. كان إمام الكوفيين في اللغة والنحو، وسابع القراء السبعة. ويعد المؤسس الحقيقي للمدرسة الكوفية في النحو.
(4) – الجون عند العرب من الالفاظ المشتركة يطلق على الأسود والأبيض، والجان معلوم. لكنه في الفارسية ذو شأن آخــر.