عبدالحق هقي

ما وراء رمضان

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ” – حديث نبوي (صحيح البخاري).

ربما سيتعجب الكثيرون من هذا العنوان، فعن أي رمضان نتحدث وقد قاربت سنة هجرية على الأفول وأخرى على القدوم، وتَعجل رمضان حتى بدت القلوب تهفو له، وأصدقكم أنني ترددت في الكتابة عن ذات الموضوع رغم قصدية العنوان، ابتداءً؛ بعد هذا الانقطاع عن الكتابة بسبب الإجازة الصيفية ثم إكرام الله لي برحلة الحج –والتي سيأتي الحديث عنها بالتفصيل لاحقًا-، إذ لم أكن أخطط مطلقًا أن يتجاوز توقفي عن الكتابة أسبوعين أو ثلاث، ولكن حسبي في الكتابة اليوم أن هدف المقال وغاياته لا تزال قائمة.

لا شك أن همة الإنسان وطموحاته في المواسم والمناسبات عالية ومتجددة، وهي بلا شك محطات للمراجعة والحساب، والنقد والتقييم والتقويم، وشحذ الهمم، والتزود قدر الإمكان بما يعين على ما ألفه المرء من فعلٍ حسن وطاعات، ومجاهدة ومغالبة للنفس وما تشتهي والناس وما تهوى، ورمضان من أجلِّ تلك المواسم والفرص، إذْ إنه مدرسة سلوكية وإنسانية سنوية، يتدرب فيها المسلم على جُملة من القيم والمبادئ، ويخوض فيها ما تيسر من الامتحانات والتجارب.

كُل ذلك يجعلنا أمام اختبار عسير بعد شهر كريم، إذْ أنه من الطبيعي أن تفتر الهمم وتضعف النفوس بعد شوال غالبًا، وتنساق الأفعال والسلوكيات إلى سابق عهدها-إن لم تكن أسوأ للأسف-، على ما يلي شهري رمضان وشوال  من مواسم عامرة وأشهر حُرم، وما لتلك الشهور من حُرمات وفضائل، وبركة وخير، ففيها أفضل الأيام وشعيرة الحج وعيد الأضحى، ما يجعل الوعي والوجدان يتساءلان: هذا ونحن لا نزال نتنسم عطر رمضان، فكيف في الشهور التي تلي محرم!!.

إن على الوعي الفردي والجمعي المسلم تغيير النظرة النمطية للعبادات والطاعات الموسمية –خصوصًا-، والخروج من قوقعة “التَطَهر”، إذْ يغلب على “لاوعي” المسلم غالبًا أن تلك المواسم “فرصة” لمحو الذنوب!! وبداية صفحة جديدة!!؛ وإن كان لا شك من فضائل تلك المناسك والشعائر (المغفرة)، فإن التمترس خلف تلك القيمة النفيسة واتخاذها على سبيل العادة من شأنه أن يفسد النية ويشوه العبادة، فالإخلاص والعلم “اتباع الهدي النبوي” شرطان لقبول العمل، والوعي ركيزة دوامه واستمراره.

خبر الهدهد: البلد الأمين..

عبد الحق هقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى