لُجة الأيقونات
منطق الطير: “لا قوة كقوة الضمير ولا مجد كمجد الذكاء”- فيكتور هوجو
ليس مستغربًا أن نهتم بالحراك الداخلي في دول غربية معينة وتحديدًا أمريكا وبعض البلدان الأوربية، اهتمامًا قد يتساوى أو يتفوق على اهتمامنا بقضايانا الداخلية والبينية والإقليمية، لا انبهارًا بتلك الدول ولا فراغًا نعانيه، وإنما لما لتلك الكيانات واللوبيات الداخلية فيها، من تأثير بالغٍ على أمتنا وجودًا ومستقبلا؛ إلاَّ أن ذلك الاهتمام المبرر قد يتحول بالسذاجة والسطحية وغياب الوعي من بوصلة لاستقراء الآخر واستشراف الغد، إلى مصيدة تُعمق مشاكلنا وتُكرس تبعيتنا.
أولى المسائل التي أرى أن نوليها عناية بالغة في قراءة المشاهد المتوالية داخل بنية نظام “الآخر” هو: أن تصرفه ينطلق من فعلٍ لا ردة فعل، فعلٍ مدروس وموجه، حتى لو تراءت لنا بعض تفاصيله ساذجة أو عبثية، ذلك أن بعض تلك التفاصيل يُهدف من خلال توظيفها إلى تشتيت الذِهن وإشغاله بالقضايا الجانبية، وصرفه عن جوهر الموضوع والأولويات، ومن ثمَّ تمرير الخطط والأجندات، هذا الفعل وإن كان مستمرًا ودائمًا من خلال ضخ إعلامي مزيف، فإن الملاحظ هو تكثيف ذلك الاستخفاف في الحروب والانتخابات.
يبرز ذلك جليًا في حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشكل عام والأخيرة بشكل خاص، ويُلاحظ كيف أُستطيع إشغال انتباه المتتبع العربي في مستوياته المختلفة عن جوهر القضية، وشغله بقضايا شكلية وموضوعية لا تعنيه، فلُوحظ كيف تم توظيف ما يُسمى بـ”التسريبات الجنسية” لأحد المرشحين، بل امتدت -في عبثية- لتشمل زوج غريمته!! لإلهائنا عن المخططات الفظيعة التي تحاك، فضلاً عن تلك الجرائم التي تنفذ؛ والأخطر كيف يُتستر بها عن الفضائح الجنسية في حق شعوبنا وكياناتنا.
إن من الجهل والحماقة اعتقاد أن صراعنا مع الهيمنة الدولية الغاشمة ومع الإدارة الأمريكية المنقادة بتوجيهات اللوبي الصهيوني هو صراع شخصي، وربط مصيرنا واستشرافنا العفوي لمستقبل أوطاننا من خلال المراهنة على فلان أو علان!؛ إذْ أن الحاكم الفعلي لتلك المخططات لوبيات ومؤسسات لا تعترف بالأصل الأخلاقي في بناء العلاقات الإنسانية، وتنتهك جهارًا نهارًا كرامة الشعوب!!، لذا فهي في حقيقة الأمر لا تعبأ بالأصل الأخلاقي في علاقات الأشخاص إلاَّ من باب الإلهاء.
خبر الهدهد: بناء ثقافة التقشف!!!
عبد الحق هقي
لا قوة كقوة الضمير