(مكة) – جدة
واصلت مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية ” مسك ” عبر مهرجان ” حكايا مسك” فعالياتها اليوم، في مشهد حظي بتفاعل كبير من الحضور في “مسرح حكايا” حيث استلهمت قصة البطل هاني الرميح، الذي تعرض لإصابة في الحد الجنوبي من المملكة، تضحيات المرابطين على حدود المملكة، ومواجهته مع العدو، وقصة انتشال جثة أحد شهداء الواجب .
وتفاعل زوار المهرجان خلال فقرة حكايا المرابطين على “مسرح حكايا”، مع العرض الذي تضمن عبارة “تستطيع أي دولة في العالم أن تشتري جميع الأسلحة المتطورة بجميع أنواعها.. لكنها لا تستطيع شراء الفروسية “، حيث كانت للكلمات التي تضمنها العرض واقعاً حماسياً.
وتحدث الرميح، عن تجربته الشجاعة مع زملائه الـ12 في الحد الجنوبي عندما توجهوا لانتشال جثة أحد الشهداء في احدى الجبال الوعرة التي سقط فيها، مشيراً إلى أنه تعرضوا إلى صعوبات كبيرة بسبب تضاريس المنطقة، والأجواء الحارة، إلا أنهم استطاعوا أن ينتشلوا جثة زميلهم الشهيد والصعود به، لكنه لم يخف تجربته التي تظهر شجاعة الجندي السعودي، التي تمثلت في أنه وأثناء العودة بزميلهم انفجر لغم في أحد زملائهم وأدى إلى قطع قدمه، مشيراً إلى أن ذلك لم يثنهم عن مهمتهم، بل واصلوا في الاستمرار بحمل زميلهم المصاب، إضافة إلى شهيد الواجب، إلا أن المفاجئة الثانية تمثلت في انفجار لغم آخر أدى إلى حدوث إصابات عدة له.
ووسط حضور أكثر من 9 آلاف زائر، استمرت فعاليات “حكايا مسك” بين الأقسام الإبداعية التي تضمنت ورش عمل في الكتابة والرسم والإنتاج المرئي، إلى جانب “سوق حكايا” الذي كشف عن إبداعات الشباب من لوحات فنية ومجسمات، فيما شهد المسرح إلى جانب مسرحية حبل غسيل، فقرة حكايا شباب، كما تم استضافة الإعلامية السعودية سميرة مدني، واستلهمت بعض القصص والمواقف في الحد الجنوبي كأول إعلامية سعودية ترابط في الحد الجنوبي مع الجنود المرابطين من خلال تغطية إعلامية على شاشة التلفزيون السعودي.
وقالت مدني : “أعتبر نفسي جندي من جنود الوطن”، فيما كشفت عن أغلى هدية تمتلكها في حياتها وهي عبارة عن بدلة عسكرية كانت ترديها أثناء تغطيتها في الحد الجنوبي، مشيرة إلى أنه لا يمكن التفريط بها مهما وصل الأمر كونها تحمل تأثيراً كبيراً في حياتها.
وحول ذهابها إلى الحد الجنوبي ، أوضحت أنها وجدت نفسها بأنها من الممكن أن تمثل 9 ملايين امرأة سعودية، وأن تحمل صوتهم ، لاسيما أنه لم يكن لدي تجربة السفر إلى مثل هذه المناطق الوعرة والجبلية لكن الرسالة التي أرغب في إيصالها كانت تدفعني للأمام، وعدم التراجع عن ذلك القرار رغم صعوبته”.
ولفتت قائلة :” بعد وصولي إلى جازان، تم التحرك نحو مواقع المعارك وكانت لحظة حاسمة بالنسبة لي، خصوصاً وأنني استرجعت شريط ذكريات حياتي، إضافة إلى ما يدور بداخلي من أسئلة تمحورت بأنني سأذهب لكنني قد لا أعود “.
واستعرضت شاشة مسرح “حكايا مسك” لقطات مصورة لمحمد السيد أحد المصابين في الحد الجنوبي، ودفاعه عن الوطن، حيث أكدت الإعلامية سميرة مدني، أن هناك الكثير من الرسائل للدفاع عن الوطن، موضحة أن نفسيات المرابطين على الحد الجنوبي عالية، ولديهم الشجاعة، والحماس في حماية الوطن.
كما شهد مسرح حكايا مسك، مشاركة الإعلامي ومقدم قصص الأنبياء والسلف الصالح عمرو ناظر، حيث استلهم مع الجمهور الحاضر في المسرح عدد من النقاط، والمقارنات في أمور “الابتلاء” التي تحدث للإنسان ، مؤكداً على ضرورة الصبر عند الابتلاء، ودلل على ذلك ما حدث للأنبياء من ابتلاء.
وقال إن الشعور ينقصنا كثيراً في القصة ، مشيراً إلى أنه لابد من معايشة القصص، وبحث أسبابها ، إضافة إلى أن أهمية مراجعة النفس، والثقة بالله في جميع أمور الحياة.
من جهة أخرى كشفت فعاليات “حكايا مسك” 10 خطوات لصناعة “أنيمشين” بفكرة بسيطة يبلورها أي زائر لمعمل الأنيمشين وتعلّمه كيفية تحويلها إلى عمل كامل قصير من خلال الالتقاء بشركات متخصصة في هذا المجال.
وأوضح أحد المشاركين والمتخصصين في محتوى الأطفال المرئي والمكتوب عبدالعزيز عثمان، أن صناعة الأنيميشن تعتمد على 10 خطوات أساسية يستطيع الزائر التعرف عليها وتجربتها ضمن ورش عمل تعقد طيلة أيام الملتقى.
وقال: “أولى الخطوات تحديد الفكرة الأساسية التي يعتمد عليها العمل بشكل كامل، وترجمتها كقصة وصفية تسهّل تجسيد المشاهد لمحرّكي الصور، ومن ثم صياغة السيناريو الملائم لها”.
ولفت إلى تحويل السيناريو المكتوب للوحات شبيهة بالقصص المصورة بعد رسم الشخصيات بشكل أولي وإرفاق النص مع كل صورة بهدف وضع التخيل المناسب للعمل، مبيناً أن التعديلات عادة ما تكون خلال هذه الخطوة قبل البدء في تحريك الصور.
وأضاف: ” بعد ذلك تبدأ خطوة تصميم الشخصيات بتفاصيلها من حيث الشكل واللون والتعابير المناسبة لها، لتبدأ مرحلة تسجيل الصوت بناء على لوحات القصة، والتي تعد أهم مرحلة لإعطاء الانطباع المطلوب عن كل شخصية كارتونية”.
وأشار إلى أن تحريك الصور يبدأ بعد الانتهاء من تسجيل الصوت، والذي يعتمد بشكل أساسي على تلك التسجيلات، بحسب نوع التقنية سواء كانت ثنائية أو ثلاثية الأبعاد، مفيداً برسم الخلفية الثابتة لكل لوحة ومن ثم رسم الشخصيات أمامها وتحريكها.
وتابع: ” تأتي في المرحلة الأخيرة م بعد الإنتاج والمتضمنة تركيب الصوت والمؤثرات المصاحبة له على الصور المتحركة”، مؤكداً ضرورة تسخير فن الأنيميشن بصناعة محلية في ظل وجود إمكانيات وطاقات شبابية هائلة في هذا المجال.
وبين بأن هذا النوع من الصناعات يعد حديثاً نسبياً في المملكة، رغم وجود تجارب سابقة في التسعينات عبر إحدى الشركات السعودية التي كان مقرها في الخارج، إلا أن السنوات الخمس الماضية شهدت قفزة كبيرة في الأنيميشن عبر مواقع الإنترنت المختلفة، موضحاً وجود فرص كبيرة متاحة لتطوير تلك الصناعة.
كما استهدفت فعاليات “حكايا مسك” الشباب من سن الـ15 وحتى الـ35 عاماً، لتكشف أبواب إبداعهم والتي لم يكن ينقصها سوى مفاتيح مناسبة لفتحها على مصراعيها، في كل قسم من أقسام الفعاليات، فمحترف الكتابة، أول قسم يصادف الزوار ممن يحملون أفكاراً بحاجة إلى طرق سليمة للتعبير عنها، فمنها يتعلمون طرق صياغتها ابتداء من مواقع التواصل الاجتماعي ومروراً بالعبارات القصيرة المؤثرة ليصلوا إلى إمكانية تأليف رواية كاملة.
بينما تتيح لهم ساحات الرسم فرصة تصميم رسومات تحاكي أفكارهم المكتوبة، ومن ثم التوجه إلى معمل الأنيميشن للتدرب على تحريكها واختيار الطريقة الملائمة لدبلجة الأصوات، وانتهاء بقسم استوديو الانتاج الذي بدوره يساعدهم على تعلّم فنون الانتاج المرئي لأي مجال يرغبون فيه.
ويؤكد مدير الإعلام والنشر بجمعية مسك الخيرية يوسف الحمّادي، اختيار شركات متخصصة في مجالات الكتابة والرسم والأنيميشن والإنتاج المرئي، ممن يملك أصاحبها تجارب ناجحة، مبيناً وجود 8 شركات بكل قسم، ما عدا الرسم المعتمد على مشاركة رسامين مبدعين.
وقال: ” تشهد المنصات الإلهامية مشاركة العديد من المبدعين كل بحسب مجاله، للتحدث عن مثل هذه الفنون بأساليب ملهمة للزوار، فضلاً عن عقد ورش عمل يقدمها المدربون من أصحاب الشركات”.
وبيّن أن ورشة العمل الواحدة تستغرق 45 دقيقة، إلى جانب فتح المجال أمام الراغبين في التعلم أكثر للتواصل مع المدربين، واستقطاب المواهب اللافتة من الزوار في كل مجال من قبل الشركات المشاركة على غرار ما حدث بحكايا مسك في نسخته الأولى بالرياض.
ووقفوا زوار “حكايا مسك” احتراما لأم شهيد الحد الجنوبي عبيد الصعب، ولم يتمالكوا أنفسهم وهم يستمعون إلى كلمات شجاعة يغلفها الحزن لأم الشهيد السعودي بعد صعودها إلى المسرح، عندما تحدثت عن فقدان ابنها، الذي لقي الشهادة قبل شهرين من حفل زواجه، معتبرة أن الدور الذي لعبه ابنها مع زملائه كان شجاعاً للدفاع عن المملكة، حيث شهد المسرح ترحيباً كبيراً من الحضور لوالدة الشهيد.
وفي مشهد مؤثر تمثل في نزول عدد من السيدات لاحتضان أم عبيد والدة الشهيد وتقبيل رأسها تقديراً لها في تربية ابنها الذي استشهد في الحد الجنوبي، حيث كانت التهنئة باستشهاد ابنها في ميدان حماية الوطن، إضافة إلى كلمات كانت معبرة من الحضور في المسرح، لاسيما من الجانب النسائي التي تضمنت الإشادة بالدور البطولي بشكل كبير كأم عملت على تربية ابنها، وتنشئته في بيئة صالحة محبة للوطن، وبار بوالديه.
وتحدثت أم عبيد من مسرح “حكايا مسك” عن كيفية تقبلها لنبأ وفاة ابنها، مشيرة إلى أنه ودعها برسالة على هاتفها بقوله : “لاتغضبين علي إذا ما رديت على اتصالك فأنني في مهمة عمل بالحد الجنوبي”.
وقالت إن وفاة ابنها في الحد الجنوبي شرف لها، لاسيما أنه يدافع عن المملكة وعن وطنها الذي عاشت فيه، موضحة أن ابنها كان يتمنى الشهادة منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث كان يطلب منها الدعاء له بالشهادة في الحد الجنوبي ليحشر مع الشهداء الذي نذروا حياتهم في سبيل حماية الوطن.