عبدالحق هقي

الحِلْوة والحلوى..

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “في الغالب يرفض أطفالي أن يأكلوا أي شيء لم يرقص في التلفزيون…”-إيرما بومبيك

**هذا المقال بطلب من ابنتي ليلاس للتنبيه عن خطورة بعض الأطعمة على صحة الأطفال.

          لعل من الصعب إن لم نقل من المستحيل أن تقنع طفلك بتغيير كثير من عادات الأكل المكتسبة إما بسبب تهاوننا نحن الآباء والأمهات في مسؤولياتنا تجاه حسن انتقاء ما يأكله أحبابنا، وجهل أغلبنا بثقافة الأكل الصحي!!، أو بسبب العادات التي درجت في المجتمع حتى غدت أقرب إلى الفرض والواجب!! أو تقليدًا للأقران في تجمعات الأسرة والأصدقاء والمدرسة والشارع، والأخطر من كل ذلك تلك الدعايات المسمومة التي تروج للسموم من خلال أفلام الكرتون وبرامج الأطفال!!!.  

          قبل أسبوع قررت ابنتي ليلاس -حفظها الله وأبناءكم جميعًا- التوقف عن أكل الحلوى!!، ولم تكتف بذلك بل حاولت تبرير ذلك الخيار، فقد تأثرت بمقطع على “اليوتيوب” يتحدث عن طريقة صناعة الحلوى من شحوم الحيوانات، وقادتها فطرتها السليمة إلى استقراف ذلك الأمر، وباتت تتساءل حين تشتهي أكل نوع من الحلوى عن ما إذا كانت صحية أو لا، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل قادها ذلك الفيديو للتساؤل عن صناعة عديد الأطعمة؟!!، وعما إذا كان أصدقاؤها الأطفال على وعي بذلك؟.

          إن ذلك الموقف يخرج عن سياقه الشخصي ليؤكد حقيقة أن (الميديا) بأنواعها الكلاسيكية أو الحديثة بمقدورها أن تعيد صناعة الوعي لدى أطفالنا، كما هي ذاتها قادرة على استمرار العبث بفطرة الأجيال وتدمير طاقاته وقدراته ببرامجها الخبيثة والملغومة؛ فالصورة والصوت والإبهار واللعبة هي اللغة الوحيدة التي بات يفهمها أولادنا، ولها عظيم التأثير على وعيهم وسلوكياتهم، ولم يعد من الممكن بحال من الأحوال تجاهل تلك الحقائق وتشبثنا بوسائل الوعظ التقليدية وسيل النصائح ألحّاف.

          تضعنا مسؤولياتنا وواجباتنا تجاه الأجيال المقبلة أمام تحديات جسام، ليس أقلها التفكير الجاد والمبتكر في صناعة المحتوى الرقمي العربي الطِفْلِي بشكل عام، والمحتوى المتعلق بمجاليّ سلامة الروح والعقل بشكل خاص، من خلال المبادرات المؤسسية أو الشخصية الهادفة لتأمين كل ما يستهلكه الطفل أكان معنويًا أو ماديًا،  فذلك المحتوى يشكل أمنًا فكريًا وثقافيًا ونفسيًا لا يقل أهميةً عن الأمن الجسدي، ولا يقتصر انعكاسه على سلامة الطفل الشخصية فحسب، وإنما سلامة المجتمع في حاضره ومستقبله.                           

خبر الهدهد: القارئ الصغير..

عبدالحق هقي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. موضوع هام جدا وله ابعاد اجتماعية كبيرة وله فوايد وعي للأطفال وعائلاتهم
    جزاك الله كل الخير اخي الو ليلاس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى