المقالات

دَعَواتٌ لِوأدِ عَادَاتٍ ..!

إن المتعمق في جذور التاريخ سيجد العادات والتقاليد قابعة في أعماق المجتمعات بكل أنواعها ، وجميع أصنافها ، وإذا ما أردنا تعريفها ” فالعادات في اللغة جمع عادة وهو ما يعتاده الإنسان أي يعود إليه مراراً وتكرارا ً ” .
” والتقاليد جمع تقليد و هو مصطلح يعني الموروث الذي يورث عن الآباء والأجداد ” .

الأكثرية يعتقدون أنه لا فرق بين العادات والتقاليد رغم ارتباطهما ببعضيهما ؛ ” فالعادة أو العادات هي الأمور المألوفة والتي اعتاد الفرد على القيام بها دون جهد ولفترة زمنيّة معيّنة أمّا التّقليد أو التّقاليد فيمثل الموروث الثّقافي لفرد أو قبيلة أو مجتمع عن آبائه و أجداده ” .

والبعض يعتقد أن العادة تقوم مقام القانون في المجتمع وهذا اعتقاد خاطئ بكل تأكيد ، وفي رأيي المتواضع أجدها كالموروث الشعبي المتناقل من جيل إلى جيل وتُتّبع في الأفراح والأتراح ، ولكن ما يدعو للعجب ظهور دعاة ودعوات لوأد هذه العادات في بعض قرى زهران بوجه خاص ، ومنطقة الباحة بوجه عام ، وهؤلاء يدعون وبكل قوة للتخلّي عنها وتركها تماما وعلى سبيل المثال لا الحصر عادة الرفد في الزواج ، ومواساة أهل الميت وصنع الطعام لهم .
قبل إبداء وجهة نظري في هذا نذكّر بأن هنالك عادات وتقاليد تخلت عنها المجتمعات وتركتها بكل أريحية دون دعوة أو عناء من أحد كون بعض تلك العادات معارضة أو مخالفة للدين والشريعة السمحة وهي كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها .

وبخصوص عادة الرفد فمن الصعوبة القضاء عليها مع أنني ضد ذلك لأهميتها من حيث مشاركة وإعانة الزوج وأهله ، وكم من أناس استفادوا منها أيما استفادة ، وكانت لهم بمثابة الماء عند الظمأ ، ويخبرني أحد الأصدقاء الصدوقين أنه في أحد زواجاتهم لم يستطيعوا إكمال مبالغ تكاليف الزواج وبعض الالتزامات إلا بعدما سُلّمَ لهم الرفد ..!
ونصيحتي لأولئك أن يشاركوا من باب “فإن يد الله مع الجماعة ” ، فإن أصروا على عدم الرفد فليحضروا دون ذلك ، فإن رفضوا الخيارين فليمكثوا في منازلهم ولهم التحية والتقدير حتى يتبدل الحال كيفما يرغبون ويطمحون الوصول إليه .

وفيما يخص البقاء مع أهل الميت وصنع الطعام لهم ففئة ترفضها جملة وتفصيلا ، وآخرى تكتفي بالتعزية على المقبرة فقط ، وثالثة تقول صنع الطعام لأهل الميت ومن ثَمّ الانصراف ، وهنا أرى أن البقاء من باب التكافل والتكاتف الاجتماعي ناهيك عن تخفيف المُصاب على أهل الميت وحثهم على الصبر والاحتساب ، وتقديم العون والمساعدة لهم حسب الحاجة والاستطاعة ، إضافة إلى أن البقاء مع أهل الميت لفترات طويلة في اليوم وخاصّة في الأيام الأولى يجعلهم يشعرون بالمواساة وعدم التفكير بالميت بشكل مستمر ، وبهذا الخصوص حدثني شخص فقد ابنيه غرقا بقوله : ” لو نحر جماعتي لي جملا كل يوم لما كفاني ذلك عن وقوفهم معي وتخفيف معاناتي ” انتهى كلامه وهنا أنوه أن الوضع تبدل وعدد الأسرة الواحدة أصبح مضاعفا بعشرات المرات عن أعداد الأسر قبل عقد أو عقدين من الزمن كما أن تحضير الطعام لهم وتقديمه بشكل جاهز كونهم غير قادرين على تحضير أي نوع من الطعام لأنفسهم خاصة في الأيام الأولى من أيام العزاء ، وهنا أوجه رسالة لعدم الراغبين في تخفيف معاناة أهل الأتراح ، أو مشاركة أهل الأفراح أن المسألة ليست بالإكراه ، وكل بما يمليه عليه ضميره في كلا الحالين ، ولنجعل شعارهما (الحرية المطلقة) .

وفي الختام هي وجهات نظر ، ورؤى وأفكار قد تحتمل الصواب والخطأ ، وما تناوله الطرح يمثلني شخصيا دون أسلمة أو شرعنة لأي رأي أو فكرة تبنيتها وتضمنها الطرح ، فإن أصبت فالحمد والشكر لله ، وإن أخطأت فأستغفر الله العظيم وأتوب إليه .

ضيف الله بن عبدالرحمن

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. اخي ابو عبد الله احترم رأيك …ولكن من وجهة نظري ان موضوع الرفدوكذلك ولائم العزاء اخذت منحى آخر فالرفدلم يدفع من اجل المساعدة بل ان من يدفع الرفدصاريتباهى بكثره وفي نفس الوقت ينتظر الرد اي انه لم يدفع من قبل الله او المساعدة .اما ولائم العزاء فصارت فيها مبالغة وتجمع لتبادل الصفقات التجارية والذب في الناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى