خلال الأشهر الأخيرة والأسابيع الماضية، اشتعلت وانشغلت وسائل الإعلام العالمية بالانتخابات الأمريكية ٢٠١٦، وكالعادة تنافس الحزبان الأساسيان الجمهوري والديموقراطي على الفوز بدخول البيت الأبيض والتربع على كرسي الرئاسة الأمريكية، وفي سبيل تحقيق ذلك الهدف، قدم كلا المرشحين مشروع الرئاسة من خلال الحملة الانتخابية لكل منهما، وبالرغم مما فعلاه ويفعله غيرهما من المتنافسين السابقين على الرئاسة، من التصريحات والوعود الذهبية الممزوجة بالتهديد والوعيد، لإرضاء الناخبين والتوافق مع رغباتهم وتوجهاتهم، ضمانًا لكسب أصواتهم وتأييدهم، ومن المعروف أن تصريحات المرشحين ما قبل الفوز هي تصريحات متشنجة ضد بعضهما، كما أنها تخلو من أبجديات اللباقة والدبلوماسية المعتادة التي تراعي مصالح الدول والتوازنات السياسية .. وما إن ظهرت النتيجة وتم إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، حتى تحول جميع الشعب الأمريكي من فريقين لحزبين متنافسين إلى فريق واحد أمريكي يدعم ويساند الرئيس المنتخب، وقد بدأت الخاسرة كلينتون بتهنئة غريمها ومنافسها دونالد ترامب بكل رضا وأريحية، ودعت حزبها إلى الانضمام تحت لواء المواطنة الأمريكية من أجل مصلحة أمريكا، عارضة في نفس الوقت خدماتها ومساعدتها للرئيس ترامب، لكل ما من شأنه خدمة أمريكا ومراعاة المصلحة العليا للشعب الأمريكي، وترسيخ القيم والمبادئ الأمريكية المعتمدة على العدل والمساواة، في اقتسام السلطة حسب خيارات ورغبات الشعب الأمريكي .. كما قام الرئيس الحالي أوباما، بتقديم التهنئة للرئيس الجديد، ودعوته له بالبيت الأبيض، للبدء في مراسم تسليم السلطة بالشكل السلس والقانوني، الذي يحافظ على كيان المجتمع الأمريكي وريادته للعالم ..
هكذا هي الديموقراطية الحقيقية بصورتها الناصعة في الدول الراقية والمتحضرة، تبدو للمتابع وكأنها مهرجان احتفالي رائع مليء بالإثارة والمتعة، وفي نهايتها تتوج بالحفل الختامي لمشاركة الرئيس الفائز فرحته وتهنئته بالفوز، ونسيان المنافس الخاسر، وانضمام مؤيدوه إلى مؤيدي الرئيس المنتخب !! ما أكبر الفرق وما أوسع البون بين الحضارة والتخلف، فالدول المتخلفة عندما تحاول تقليد الغرب في ممارسة الديموقراطية، تمارسها بطريقة تتوافق مع عقلياتها الجاهلة وسلوكياتها الاستبدادية والدكتاتورية، فما أن ينتخب الرئيس في البلاد المتخلفة، حتى يتحزب الطرف الآخر المنافس للتقليل من حقه والطعن في قدراته والوقوف ضده، ومحاولة إسقاطه بالقوة عن طريق ممارسة الفوضى، التي تؤدي في النهاية إلى الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب !!!
هكذا هي حالة بائسة لمحاولة ممارسة الديموقراطية التي ليس لها من اسمها نصيب، بل هي الديموقراطية المزيفة في أبشع صورها، والتي تمارسها الدول المتخلفة زاعمة بأنها تمارس الديموقراطية الصحيحة، وبالتالي فإن العالم المتخلف لا يصلح معه ولا يتناسب مع عقلياته المتحجرة، سوى ممارسة السلطة بالشكل العنيف، المتمثل في بقاء الرئيس الديكتاتوري على كرسي السلطة ما شاء من الزمن مستخدمًا في حكمه الحديد والنار.
د . جرمان أحمد الشهري.
اختلف معك كثيرا يا دكتور . فقد كشفت هذه الانتخابات الامريكية الاخيرة زيف ما يسمى بالديموقراطية الامريكية .
وقد كان واضحا جدا للجميع وللشعب الامريكي نفسه ان هيلاري كلنتون قد خسرت هذه الانتخابات رغما عن أصوات الأغلبية الذين رشحوها لاهداف سياسية خارجية بحتة
واتفق معك في قدرتهم الهائلة على تجميل الصورة وإخفاء العيوب
فرق كبير بين الدول المتقدمة والعالم المتخلف في الإنتخابات الرئاسية بس نقول الحمدلله
حياك الله يا دكتور ساهر .. أنا لا أعني ماتم من سيناريو الأحداث والأصوات والشعبية التي كانت تتميز بها هيلاري ، ثم فاز ترامب ، فتلك مسألة ثانوية في فكرة المقال ، إنما الفكرة الأساسية هي الفرق في الحالة العامة للنتائج بين الحضارة والتخلف فيما يتعلق بالقبول بالنتيجة سواء كانت مزيفة أم حقيقية .
شكراً أخي طارق