المقالات

ما في معلوم كلام

رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي …. وناديت قومي فاحتسبت حياتي
أنا البحر في أحشائه الدر كامن…. فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
أرى لرجال الغرب عزا ومنعة…. وكم عز أقوام بعز لغات
الشاعر حافظ إبراهيم -رحمه الله- وهو يرثي اللغة العربية منذ أكثر من نصف قرن قرأت القصيدة لأكثر من مرة؛ وكأن حافظ إبراهيم قد استشرف حالنا وما صرنا إليه في هذا الزمن.
وأخذت تعصف بي الهواجس يمينًا ويسارًا، وأن أقود سيارتي وقفت في محطة البنزين كنت أفكر هل يجب أن أتكلم بالعربية قائلًا: (ياخ العجم هلا سكبت لي الوقود في خزان سيارتي ؟) أم أن (صديق عبي 91 مافي عبي 95؟ )، وهكذا استمر بي الحال عندما ذهبت إلى بائع الشطائر (صديق ساندوتش مافي حط شطة )، وكنت أتأمل تلك الشطائر قد ألهبت كامل تفكيري وعقلي؛ فهل أخ العجم سوف يفهمني، وأنا أريد شطيرة لحم مقدد مكسوة بقطع من حبات المخلل الشهي ذي الطعم اللاذع.
ما لفت نظري أننا نحول لغة ألسنتنا حتى يفهمنا الآخرين؛ علمًا أن الآخرين هم من يجب أن يتعلموا لغتنا؛ حتى يتواصلوا معانا ولسنا مضطرين أبدًا أن نحول ألسنتنا إلى معاول تقوم بهدم وتكسير اللغة التي نستخدمها.
لسنا مضطرين أبدًا أن نقول مافي معلوم أو أمشي طريق أو مخ مافيه.
لماذا لا نتحدث على طبيعتنا الحقيقية ؟ لا أقول العربية الفصحى كما قالت البنت لطارق يطرق الباب: ( أبي فاء إلى الفيافي فإذا فاء الفيء فاء)،إنما أقل ما يحفظ لنا ماء الوجه؛ حيث إن لغتنا تكسرت وانهارت على نصل حسن ظننا وتيسر أمرنا للآخرين؛ ليفهمونا.
وهناك من يتكلم كلمتين عربية ويرمي خلالهما كم كلمة أجنبية؛ فهذا دليل واضح على أن أخ العرب المتحدث مثقف جدًا، ويستطيع أن يتحدث بعواجة اللسان أيضًا فلن تصبح أبدًا مثقفًا إذا لم يكن لديك لغة أخرى.
إنك سوف تلوح بيدك عاليًّا وتقول: (هاي فايف) في ساعة النصر أو أن تقول: (أو ماي قاد ) في ساعات الحيرة أو الحسرة.
كما أن جيلًا قادمًا لا يستطيع الكتابة بالعربية أبدًا؛ فهو خريج مدارس عالمية قد تعتبر العربية رجعية يجب التخلص منها ووأدها كما قال ابراهيم:
ولدت ولم أجد لعرائسي …. رجالًا وأكفاء وأدت بناتي
فالجيل القادم يكتب كلمات عربية بأحرف إنجليزية، وإذا سألته لماذا يابني يقول: (Sorry MA AREF ) الترجمة : (آسف ما أعرف).
بأي حال أتيت أيها الجيل !!
لا أنكر أهمية أن تتعلم لغات العالم، وأن تتحدث بها مع كل من تعرف ومن لا تعرف أيضًا، ولكن احترم لغتك أولًا، وافرض على الآخرين احترامها؛ فإذا أهنتها يامن تتحدث بها فمن باب أولى أن يهينها الآخرون الذين لا ينطقون بها أصلًا.
أخيرًا لكم خالص ودي وتقديري..

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. للاسف اخ علي هذا يحدث في دول الخليج فقط ، ولكن لو لاحظت اي عامل او شغاله من الجنسية الباكستانية/الهندية/الحبشية/السريلانكية ويكون قج عمل في لبنان/مصر/السودان لفترة طويلة ستفاجأ بانه يحكي اللهجة المحلية بطلاقة عجيبة تكاد تطابق حديث اهل البلد لانهم في تلك البلدان لا يتنازلون عن لهجتهم ويتحدثون معهم بلغتهم االاعتيادية بدون اي لي او اعوجاج وتكسير في الكلام ما ينتج عنه تعلم الطرف الآخر اللغة بطريقة صحيحة وسليمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى