القصب ..هي قرية تقع في محافظة شقراء التابعة لمنطقة الرياض .وتبعدالقصب عن محافظة شقراء بمسافة بضع كيلومترات.
لكل من يسمع كلمة القصب يتبادر الى ذهنة أنها منطقة زراعية صغيرة ..بينما توجد خلف مايمكن تخيلة تفاصيل كثيرة :أبرزها ” الملح ” الذي تشتهر بإنتاجة هذة المدينة..
قمت بزيارة منطقة المملحة التي تبعد اربع كيلومترات للاستكشاف والبحث عن كثير من التساؤلات حولها..وأولها مايدور حول كيفية إستخراج الملح منها..حيث أن هذة المنطقة هي صحراوية يوجد بها بعض المناطق فيها منسوب مياة مالحة جداً .حيث إكتسب ملح القصب شهرة واسعة منذ القدم على مستوى المملكة بل وتعداها الى الدول المجاورة..
كما ذكر سابقا فإن مملحة القصب تقع على بعد اربعة كيلومترات نحو الجنوب .وهي ذات مساحة واسعة تقترب من النفوذ الغربي وتصل شرقاً الى الطريق القادم من الرياض الى القصب ..حيث تظهر بعض المعالم لها على شكل مزهرات من الأملاح والسبخات في مجاري الوديان الدنيا..وهي عبارة عن سبخة تغذيها أودية ” الحمادة ” كلها تقريباً .حيث تتجه من كل صوب لتستقر بأحمالها من الطمي والرمال والأملاح مشكلة وسطاً من الأرض الفقيرة رزاعياً ونباتياً حيث لايعيش نبات ولاينمو شجر سوى شجيرات “الطرفا القزمية ” تتسم الأرض بالإستواء التام وهذا الإستواء نتيجة طبيعية ،فالرواسب شكلت السطح والمياة جعلتة مستوياً .وتحاط بأرض اقل املاحاً..فإذا هطلت الامطاربغزارة أصبحت مزارع جادت بمحاصيلها من القمح خاصة . مثل ” الحجيرة” و ” اعيوج ” واذا إنقطعت الامطار فترة ولو قصيرة صارت تلك الاراضي دات تربة تزداد فيها نسبة الملوحة..
قد تبدو عملية إنتاج الملح للوهلة الاولى لكثير من الناس أنها من ابسط أنواع الأنتاج .. لانهالاتوجد فيها عملية تحويل او تعديل او زيادة او نقص .ولكن الحقيقة العكس من ذلك .
فإن إنتاج الملح يتطلب وقتاً وجهداً ومتابعة مستمرة .كان الامر قديماً يتطلب إختيارالأرض المناسبة اولاً بحيث تكون سبخة ومستوية ومن ثمّ توضع حواجز ترابية حولها تمنع السيول من مداهمتها ويتم حفر حفرة دائرية كالبئر من اجل أن تخرج منها المياة على بعد بضعة أمتار نظراً لقرب المياة الجوفية في موقع المملحة ،وتسمى تلك الحفرة ب ” عين الجفر ” تمد حوض إنتاج الملح بالمياة وتزوده به كلما جف بفعل حرارة الشمس ..بعد ذلك تحفر حفرة مربعة الشكل بمساحة تقدر بعرض ثلاثين متراً وطول مماثل وعمق ثلاث أمتار تقريباً ..ومن ثم تملأ بالمياة من عين الجفر وتترك لتجف .وقد تستغرق مدة تجفيفها وظهور الملح أربعة أشهر في الصيف وستة اشهر في فصل الشتاء .وبعدهايبدأ العمال بإستخراج الملح الأبيض النقي من تلك البرك ..وقد يكون فيه احيانا شوائب ترابية فيضطر العاملون الى غسلة بالماء المالح حتى يكسبة البياض الناصع ..إستمرت هذه الطريقة التقليدية لعدة قرون.حيث إعترتها مشقة انهكت الأجدادفتركوها ..وتهرب معظم الأبناء منها بسبب المشقة الكبيرة فيها وبعد ذلك توفر عمالة وافدة شكّلت أيادٍ عاملة ورخيصة الاجرة وسكنوا بالقرب من الممالح فصار شغلهم الشاغل هو إنتاج الملح بجد وإجتهاد حيث يقومون بوضع الملح في اكياس وبيعة في الاسواق بالوزن .حيث كانوا قديماً يتبعون هذة الطريقة ويضعونها على ظهور الجمال في اكياس من القماش والجلد.اما بعد ظهور السيارات فأصبح يؤخذ الملح سائباً ويوضع في صندوق السيارة الخلفي وينقل الى الاسواق ويتم بيعة على محلات بالوزن ايضاً فأصبح يباع في عبوات بلاستيكية واكياس ذات أحجام صغيرة حيث اسهمت هذة الطريقة من تسويق الملح بعكس الماضي..والان وبعد ظهور التقنية والمعدات الثقيلة تقلصت المشقة على العاملين وزادت كمية إستخراج الملح بكميات كبيرة جداً أسهمت في خفض كلفة الإنتاج بعد تقليص عدد العمال الكبير ..حيث اصبحت المعدات تتولى حفرالبرك بأعماق كبيرة ومساحات واسعة وإستخراج الملح بعد جفاف المياة مما زاد كمية الإنتاج ووفرته ..فاصبح هناك مصانع وإنتاج الملح واصبح يصدر الى الدول المجاورة ويغذي السوق المحلي بكثرة وبذلك أصبحت المملكةالعربية السعودية في المرتبة الثالثة والخمسين في إنتاج الملح الطبيعي عالمياً.