قدم برنامج “عين ثالثة” حلقات متتالية حول قضايا اجتماعية غاية في الأهمية، وبما أنه يتطرق في طرح مواضيعه حول الشأن العام ومتوالياته من خلال امتداد معرفي وبثقافة عالمة تلامس تحديدًا جوانب اجتماعية وأمنية بأبعادها المختلفة. فإنني ممتن كغيري من المشاهدين حول هذا البرنامج ومواضيعه؛ ولذا سأحاول جاهدًا أن أقف بنظرة متأملة فاحصة حول مسمى البرنامج، فعندما نقف مفهوميًّا عند هذا العنوان المركب من ثنائية واضحة المعالم ألا وهي (عين وثالثة ).
نجد أن كلمة عين لها دلالتها الفلسفية، وتخرج عن معناها الأصلي في القاموس وبالتالي؛ فإنها تعنى كل ماهو مرئي ومتعددة ومتنوع ومتباين ومختلف، وعلى كل ماهو مشاهد في الساحة وبأبعاده المختلفة، وعندما نقف في الشطر الآخر للموضوع في إطار العنوان ذاته؛ وتحديدًا أمام كلمة (ثالثة) فهي الأخرى تحمل ذات الدلالة إلا أنها تختلف في المضمون، كونها تقف على البعد الآخر؛ لترصد الأبعاد المختلفة من خلال تدوير الزوايا لرؤية الأشياء كما ينبغي وبمنظار مختلف أو كما هو بعين ثالثة كي تتجلى الصورة، وتتضح للمشاهد.
لذا أرى أن من خلال هذا العنوان عند طرح القضايا الاجتماعية وغيرها هو عامل مهم لفتح آفاق واسعة في فضاء أي قضية، ومن ثم يمكن الإبحار في التنوع بتساؤلات متعددة الأمر الذي يجعل تلك التساؤلات تزداد عمقًا واتساعًا لتحقيق الهدف في الحل والمعالجة مما يترتب على ذلك إثراء المشاهد وزيادة وعيه.
إن ارتفاع الحس عند الفرد باتجاهاته المختلفة هو هدف منشود وغاية تبتغى فمن خلال رؤية البرنامج الثاقبة التي تحاول النفاذ إلى الحكمة، إن جاز لنا التعبير وبوعي عاقل ورشيد ومن ثم المعالجة لكل القضايا ومداولاتها ومدارساتها بتفطن نابه وبلغة بسيطة وهادئة على مبدأ (ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
كل ذلك ليصل إلى الجمهور باتجاهات أفقية ورأسية؛ بحيث ترى الجهات المسؤولة والمعالجة واقع أشبه بالمعاش تعكسه جملة من التقارير والتحقيقات التي يعرضها البرنامج مع وفرة غنية من المناقشات والمداخلات مع ضيوف ومشاركي الحلقات، كل ذلك يستهدف فئات بعينها حسب كل حلقة وقضية الأمر الذي تساهم فيه النخب الفكرية بالمزيد من إثراء الطرح بالكثير من المفاهيم المتعلقة بكل موضوع يطرح سواء أكانت أمنية أو اجتماعية أو غيرها في شأن هذا الوطن، وإنسانية ومن خلال مقاربات واعية في طريقة التعامل مع كل الاختلافات والتباينات في صفوف المجتمع، ومع مراعاة كل المراحل العمرية والنزول إليها أملًا في الاستقطاب وبمنهاج حضاري يعتمد على طول تجارب وخبرة، وهو ما جعل كل طرح مبتعد عن الشطط والنفور على اعتبار أننا مجتمع ضمن المنظومة العالمية وفي إطار القرية الكونية قد نتأثر في أفق ما ونؤثر في آخر. من نافلة القول إن البرنامج يهدف إلى استنهاض الهمم وتعزيز القيم وزيادة التلاحم مع الحفاظ على الثوابت والمكتسبات والدعوة دائمًا للالتفاف حول القيادة والوطن.
أجمل الأمنيات للجميع بدوام التوفيق
عوضة بن علي الدوسي
ماجستير في الأدب والنقد