الصاد والقاف والعين أصول ثلاثة: أَحدها وقْع شيءٍ على شيءٍ كالضَّرب ونحوه، والآخر صَوت، والثالث غِشْيانُ شيءٍ لشيء.فالأوَّل: الصَّقْع وهو الضَّرْب بِبُسْط الكفِّ. يقال صَقعه صَقْعاً.وأمَّا الصَّوت فقولهم صَقَع الدِّيك يصقَع.
ومن الباب خطيب مِصْقعٌ، إِذا كان بليغاً، وكأنَّه سمِّي بذلك لجهارة صوته.وأمَّا الأصل الثالث، في غِشيان الشَّيءِ الشيءَ، فالصِّقَاعِ، وهي الخرْقة التي تتغشَّاها المرأةُ في رأسها، تقي بها خِمارَها الدُّهنَ.
والصَّقيع: البَرْد المحرِق للنَّبات فهذا يصلح في هذا، كأنَّه شيءٌ غَشَّى النَّبات فأحرَقه، ويصلح في باب الضَّرب.ومن الباب العُقاب الصَّقْعاء: البيضاء الرّأس: كأنَّ البياضَ غشَّى رأسَها.
وفي البادية يطلقون لقب الصقاعة أو صقاعة الوجه على قليل الحياء أو الوقح من الناس إذ لا يقدر عواقب الأمور، على اعتبار أن وجه الحييّ من الرجال يكون ساخنا أو دافئا، ومن لا حياء فيه فوجهه كالصقيع أو( مصقع ) ، ولربما قالوا لمن هذه صفته بارد الوجه.
وهو قياس منطقي يساير فصاحتهم.
أما الرقاعة فمن الجذر ( ر ق ع):
رقَع الثوبَ والأَديم بالرِّقاع يَرْقَعُه رَقْعاً ورقَّعَه: أَلحَمَ خَرْقه، وفيه مُتَرَقَّعٌ لمن يُصْلِحه أَي موضعُ تَرْقِيع كما قالوا فيه مُتَنَصَّح أَي موضع خِياطة.
وفي الحديث: المؤمنُ واهٍ راقِعٌ فالسَّعِيدُ مَن هلَك على رَقْعِه، قوله واهٍ أَي يَهِي دِينُه بمعصيته ويَرْقَعُهُ بتوبته، من رَقَعْت الثوبَ إِذا رَمَمْته.
واسْتَرْقَع الثوبُ أَي حانَ له أَن يُرْقَعَ.
وتَرْقِيعُ الثوب: أَن تُرَقِّعَه في مواضع.
وكلّ ما سَدَدْت من خَلّة، فقد رَقَعْتَه ورَقَّعْته؛ قال عُمر بن أَبي رَبِيعةَ: وكُنَّ، إِذا أبْصَرْنَني أَو سَمِعْنَني، خَرَجْن فَرَقَّعْنَ الكُوى بالمَحاجِرِ
والعرب تقول: خَطِيب مِصْقَعٌ، وشاعِرٌ مِرْقَعٌ، وحادٍ قُراقِرٌ مِصْقع يَذْهَب في كل صُقْع من الكلام، ومِرْقع يصل الكلام فيَرْقَع بعضَه ببعض.
والرُّقْعةُ: ما رُقِع به: وجمعها رُقَعٌ ورِقاعٌ.
والرُّقْعة واحدة الرِّقاع التي تكتب.
وفي الحديث: يَجِيء أَحدُكم يومَ القِيامة على رقَبته رِقاع تَخْفِق؛ أَراد بالرِّقاعِ ما عليه من الحُقوق المكتوبة في الرقاع، وخُفُوقُها حرَكَتُها.
والرَّقِيعُ: الأَحمق الذي يَتَمَزَّقُ عليه عَقْلُه، وقد رَقُع، بالضم، رَقاعةً، وهو الأَرْقَعُ والمَرْقَعانُ، والأُنثى مَرْقَعانة، ورَقْعاءُ، مولَّدة، وسمي رَقِيعاً لأَن عقله قد أَخْلَق فاسْتَرَمَّ واحتاج إِلى أَن يُرْقَع.
وأَرْقَع الرَّجلُ أَي جاء برَقاعةٍ وحُمْقٍ.
ويقال: ما تحت الرَّقِيع أَرْقَعُ منه.
وفي مقالتنا ” الصقاعة والرقاعة” هذه أردنا المعنى الأخير، أي قليل الحياء الأحمق، فهو صقيع الوجه مخرّق السجايا يحتاج إلى ترقيع وتصويب دائم لأقواله وصفاته وأفعاله من طول ما يذمُّـه خلق الله وينتقدونه.
وقد سجّلنا بعضا من صور الصقاعــة والرقاعــة، للتوضيح والتلميح:
رجال ونساء متزوجون يخونون ويراسلون من وراء أزواجهم بداعي نقص في الرومانسية أوالاهتمام ويدعون البراءة والنزاهة والزماله
فتيات في زهرة أيام حياتهن يرسلن صورآ حتى الحيوانات تستحي منها
آباء وأمهات يهتمون بطعام ولباس الأبناء وينسون غرس القيم والأخلاق والفضيلة .
موظفون لايخلصون في أعمالهم بدعوى قلة الرواتب ونسوا أن الله يبارك في الرزق الحلال ويمحق الحرام.
شباب وشابات يقضون الساعات الطوال مشيآ ولهوآ في الأسواق ويتعبون في أول ركعة من الصلاة .
رجل يرسل مالا يليق بسنه وشيبته فاذا ما استجر امرءا لمثل فعله استشاط كذبا وصار يفضح هؤلاء ويشهر بهم على الاشهاد بزعم التقوى والوقار الفاسد الزائف .
يتصيد ما يكتبه الفضلاء ويشهر بهم بزعم ان هذه احاديث ضعيفة فيسميها واهية ويروح يتكلم عن اخطارها وصاحب الحديث أشار قبله الى ضعف الحديث وانه يعمل به في فضائل الاعمال.
د. محمد فتحي الحريري