عبدالحق هقي

الحريق!!

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “في اختلاف الأصدقاء شماتة الأعداء، و في اختلاف الإخوة فرصة المتربصين، و في اختلاف أصحاب الحق فرصة للمبطلين” – مصطفى السباعي

          أيُّ أمةٍ هذه التي تحتفي بالحرائق التي تنهش جسدها الممزق!!، وتغترف من أسن الدم الذي يروي تربتها المكلومة!!، وتُطْرب لصوت السكاكين التي تبقر أمنها من الوريد إلى الوريد!!، أيُّ أمة تلك التي يبيع كثيرٌ من أبنائها الأوهام جهارًا نهارً على حوائط (social media)!!، ثم يتخاصمون!!! قبل أن يعاودوا غفوتهم الطويلة غير آبهين برائحة البارود وصوت البائسين وآلام الجوعى وارتهان المستقبل!!، أيُّ أمة غير أمة العرب في العصر الراهن لا تكتفي بالرضوخ إلى النار المشتعلة وإنما تُسهم في استعارها!!.  

          يحزنك اغتيال الزيتون في أرضنا، فلسطين التي نُهبت وسميت زورًا “إسرائيل”!!، – وإسرائيل عليه السلام بريءٌ منهم ومن أفعالهم الإجرامية-، ولكن الذي يحزنك أكثر أن يلعب الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الصهيوني الغاصب على وتر انقسامنا!! -كعادته- بين فرحٍ متشفٍ!! وحزين متألم!! وكلاهما يتفق في الغاية والمقصد وإن اختلفا في قراءة ذلك الحريق!! ودوافعه!! ونتائجه!! وكُلفته النضالية، يحزنك أكثر أن تتوقف الحرائق على الأرض لتشتعل في النفوس فتذرَّ أخوتنا هباءً منثورًا!!        .

          صحيح أن الشبكات الاتصالية والوسائط التواصلية والفضاءات التفاعلية أتاحت للعموم تبادل الآراء وتداولها اختلافًا ووفاقا، لكن ذلك ما كان يجب أن يتحول إلى مساحة للتخوين والاستغباء!!، والانحراف عن الهدف، والتفريط في المبادئ السامية، والغرق في مستنقع الجدال والتنازع، وفسح فرصة للأعداء للشماتة ابتداءً واستغلال الموقف من خلال النفوذ إلى جزء من ضميرنا للعبث؛ ما كان لنا أن نتحول في غفلة منا إلى معاول تُمزق نسيجنا الفكري ووجداننا العاطفي تجاه أُم قضايانا.

          إن تلك الصورة الكئيبة والسلوكيات العدوانية التي نلمحها في تبادلنا الاتصالي وحراكنا التفاعلي تنسحب رويدًا رويدًا من ساحات “الملتيميديا” لتغزو دولنا ومدننا وأحياءنا وشوارعنا وبيوتنا!!، لنكون إزاء تغيير التأثير لمواقعه، فالحقيقة الصادمة تتمثل في أن السلوك العنفي في مواقع التواصل الاجتماعي لم يعد انعكاسًا لعدوانيتنا في محيطنا “الواقعي”، وإنما غدا يُنتج داخل عوالم “الافتراض” نتيجة الفهم الخاطئ وعدم القدرة على استيعاب المتغيرات الدراماتيكية في البنى الاتصالية، لينفجر في واقعنا “الملموس”.

خبر الهدهد: عقدة أديبستان!

 عبد الحق هقي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also
Close
Back to top button