همسات الخميس
القناديل المكية هم أولئك النفر من الرجال والنساء الذين يجود بهم التاريخ على مكة المكرمة، جيلا بعد جيل وعصرا بعد عصر، يمنحهم الله بسطة في مال أو صحة أو لسان أو قلم، فتسيل كفوفهم ندى من أجل مكة المكرمة، وتنحني هاماتهم تعظيما لبيتها العتيق، وتنطلق ألسنتهم حبا لأهلها الكرام، وتسيل أحبارهم تدوينا لتاريخها المجيد.
وكتاب التاريخ الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها حاضر في مكة المكرمة، يسجل ويدوّن على مرّ العصور، ما فاته من حديث لقنديل من قناديلها من كلمة، حتى وإن بدا لنا أنه قد نسي فإنه لم ينس شيئا، ولم يهمل من سيرة لأحد، قلّت سطور تلك السيرة أم كثُرت.
كثير من أولئك الأعلام كانت أسماؤهم تنثال في ذاكرتي وأنا في منتدى باشراحيل في عوالي مكة المكرمة، رأيت الكريم ورأيت الأديب ورأيت المؤرخ ورأيت الوالي الأمير، رأيتهم وعلى أكتافهم مكة المكرمة، من قصيّ وهاشم إلى ابن جدعان وعثمان وعتّاب وابن غازي والكردي والسباعي مرورا بالكرام الذي تعاقبوا على ولاية مكة من آل سعود الغر الميامين.
مئات الأسماء كانت تمر أمامي ثم بدأ الحفل بقراءة شجية على مقام راحة الأرواح، كان الحضور كثيفا وكانت الليلة سلاما تتماوج فيه نسمات الوفاء، تكريما لقنديل آخر من قناديل مكة المكرمة، هذه الصحيفة التي تطالعونها وصاحبها الذي أولدها من عباءة تعظيم مكة، ثم غذاها بالصدق والصفاء والمثابرة، كما شهد له الحاضرون، حتى غدت متقدمة على غيرها من صحف الشبكة العنكبوتية.
كانت تلك ليلة مكيّة مشهودة، حكت فيها المهج بلسان مكيّ مبين، وتعطرت أجواؤها بعطر الوفاء المكي الأصيل، في جنبات منتدىً مكي جمع العلم والأدب والوطنية والوفاء، مثل صاحبه الدكتور عبد الله محمد صالح باشراحيل، الذي جمع في برديه العالم والشاعر والمواطن الصالح، في تواضع الفضلاء وسمو النبلاء، حتى جعل من منتداه الثلاثائي قنديلا لقناديل مكة المكرمة.
القاص- محمد ربيع الغامدي
عضو نادي الباحة الأدبي